[ 127 ] 2232 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، وَابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامٍ ح . وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ ، وَيُصِيبُ الْحَبَلَ .
وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، أَخْبَرَنَا هِشَامٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَالَ : الْأَبْتَرُ وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ .
[ 128 ] 2233 - وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ ، وَالْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ ، وَيَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ قَالَ : فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ كُلَّ حَيَّةٍ وَجَدَهَا ، فَأَبْصَرَهُ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، أَوْ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ يُطَارِدُ حَيَّةً فَقَالَ : إِنَّهُ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ .

[14/391] ( 37 ) بَاب قَتْلِ الْحَيَّاتِ وَغَيْرِهَا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ ، فَإِنَّهُمَا يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ ، وَيَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ ) وَفِي رِوَايَةٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ، ثُمَّ قَالَ ( فَكُنْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا إِلَّا قَتَلْتُهَا ، فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً يَوْمًا مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ ، مَرَّ بِي زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ ، أَوْ أَبُو لُبَابَةَ ، وَأَنَا أُطَارِدُهَا ، فَقَالَ : مَهْلًا يَا عَبْدَ اللَّهِ ، فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَ بِقَتْلِهِنَّ . قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَانِ الَّتِي فِي الْبُيُوتِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( أَنَّ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ قَتَلَ حَيَّةً فِي بَيْتِهِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَآذِنُوهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ ، فَإِنْ بَدَا لَكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فَاقْتُلُوهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ) . وَفِي رِوَايَةٍ : ( إِنَّ لِهَذِهِ الْبُيُوتِ عَوَامِرَ ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهَا فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا ، فَإِنْ ذَهَبَ ، وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ ) . وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ ( أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ بِغَارِ مِنًى . قَالَ الْمَازِرِيُّ : لَا تُقْتَلُ حَيَّاتُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بِإِنْذَارِهَا كَمَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، فَإِذَا أَنْذَرَهَا وَلَمْ تَنْصَرِفْ قَتَلَهَا . وَأَمَّا حَيَّاتُ غَيْرِ الْمَدِينَةِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ وَالْبُيُوتِ وَالدُّورِ فَيُنْدَبُ قَتْلُهَا مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرِ بِقَتْلِهَا . فَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ( اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ ) وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ : ( خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ) مِنْهَا الْحَيَّةُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِنْذَارًا وَفِي حَدِيثِ ( الْحَيَّةُ الْخَارِجَةُ بِمِنًى ) أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِهَا ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِنْذَارًا ، وَلَا نَقَلَ أَنَّهُمْ أَنْذَرُوهَا . قَالُوا : فَأَخَذَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي اسْتِحْبَابِ قَتْلِ الْحَيَّاتِ مُطْلَقًا ، وَخُصَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْإِنْذَارِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهَا ، وَسَبَبُهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَسْلَمَ طَائِفَةٌ مِنَ الْجِنِّ بِهَا . وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ [14/392] مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى عُمُومِ النَّهْيِ فِي حَيَّاتِ الْبُيُوتِ بِكُلِّ بَلَدٍ حَتَّى تُنْذَرَ ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي الْبُيُوتِ فَيُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ إِنْذَارٍ . قَالَ مَالِكٌ : يُقْتَلُ مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الْمَسَاجِدِ . قَالَ الْقَاضِي : وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ مُطْلَقًا مَخْصُوصٌ بِالنَّهْيِ عَنْ جِنَانِ الْبُيُوتِ ، إِلَّا الْأَبْتَرَ وَذَا الطُّفْيَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَا فِي الْبُيُوتِ أَمْ غَيْرِهَا ، وَإِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا بَعْدَ الْإِنْذَارِ . قَالَ : وَيُخَصُّ مِنَ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ جِنَانِ الْبُيُوتِ الْأَبْتَرُ وَذُو الطُّفْيَتَيْنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَأَمَّا صِفَةُ الْإِنْذَارِ فَقَالَ الْقَاضِي : رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَقُولُ : أَنْشُدُكُنَّ بِالْعَهْدِ الَّذِي أَخَذَ عَلَيْكُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَلَا تُؤْذُونَا ، وَلَا تَظْهَرْنَ لَنَا وَقَالَ مَالِكٌ : يَكْفِي أَنْ يَقُولَ : أُحَرِّجُ عَلَيْكَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ لَا تَبْدُوَ لَنَا ، وَلَا تُؤْذِيَنَا . وَلَعَلَّ مَالِكًا أَخَذَ لَفْظَ التَّحْرِيجِ مِمَّا وَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، ( فَحَرِّجُوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ذَا الطُّفْيَتَيْنِ ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : هُمَا الْخَطَّانِ الْأَبْيَضَانِ عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ ، وَأَصْلُ الطُّفْيَةِ خُوصَةُ الْمُقَلِ ، وَجَمْعُهَا طُفًى ، شِبْهُ الْخَطَّيْنِ عَلَى ظَهْرِهَا بِخُوصَتَيِ الْمُقَلِ . وَأَمَّا ( الْأَبْتَرُ ) فَهُوَ قَصِيرُ الذَّنَبِ . وَقَالَ نَضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ : هُوَ صِنْفٌ مِنَ الْحَيَّاتِ أَزْرَقُ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ مَا فِي بَطْنِهَا .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ إِذَا نَظَرَتْ إِلَيْهِمَا وَخَافَتْ أَسْقَطَتِ الْحَمْلَ غَالِبًا . وَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : يُرَى ذَلِكَ مِنْ سُمِّهِمَا . وَأَمَّا ( يَلْتَمِسَانِ الْبَصَرَ ) فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ ذَكَرَهُمَا الْخَطَّابِيُّ وَآخَرُونَ : أَحَدُهُمَا مَعْنَاهُ يَخْطَفَانِ الْبَصَرَ وَيَطْمِسَانِهِ بِمُجَرَّدِ نَظَرِهِمَا إِلَيْهِ لِخَاصَّةٍ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي بَصَرَيْهِمَا إِذَا وَقَعَ عَلَى بَصَرِ الْإِنْسَانِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى فِي مُسْلِمٍ ( يَخْطَفَانِ الْبَصَرَ ) وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى : ( يَلْتَمِعَانِ الْبَصَرَ ) وَالثَّانِي : أَنَّهُمَا يَقْصِدَانِ الْبَصَرَ بِاللَّسْعِ وَالنَّهْشِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَشْهَرُ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَفِي الْحَيَّاتِ نَوْعٌ يُسَمَّى النَّاظِرُ إِذَا وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى عَيْنِ إِنْسَانٍ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( يُطَارِدُ حَيَّةً ) أَيْ يَطْلُبُهَا وَيَتَتَبَّعُهَا لِيَقْتُلَهَا .