5 - بَاب تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ ، وَطَرَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ وَعَلِيًّا عَلَيْهِمَا السَّلَام لَيْلَةً لِلصَّلَاةِ
1126 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ هِنْدٍ بِنْتِ الْحَارِثِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتْنَةِ ، مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ ، مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ ؟ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ " .


[3/14] قَوْلُهُ : ( بَابُ تَحْرِيضِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) يَعْنِي : أُمَّتَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، ( عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ ) فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ : " صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّوَافِلِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ " قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ : اشْتَمَلَتِ التَّرْجَمَةُ عَلَى أَمْرَيْنِ : التَّحْرِيضِ ، وَنَفْيِ الْإِيجَابِ . فَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَلِيٍّ لِلْأَوَّلِ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ لِلثَّانِي . قُلْتُ : بَلْ يُؤْخَذُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ نَفْيُ الْإِيجَابِ ، وَيُؤْخَذُ التَّحْرِيضُ مِنْ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا : " كَانَ يَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّهُ " ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ أَحَبَّهُ اسْتَلْزَمَ التَّحْرِيضَ عَلَيْهِ ، لَوْلَا مَا عَارَضَهُ مِنْ خَشْيَةِ الِافْتِرَاضِ ، كَمَا سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ . قَالَ ابْنُ رَشِيدٍ : كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيقَاظِ الْإِيقَاظُ لِلصَّلَاةِ ، لَا لِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ بِمَا أُنْزِلَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ لَكَانَ يُمْكِنُ تَأْخِيرُهُ إِلَى النَّهَارِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ . قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ لِمُشَاهَدَةِ حَالِ الْمُخْبِرِ حِينَئِذٍ أَثَرًا لَا يَكُونُ عِنْدَ التَّأْخِيرِ ، فَيَكُونُ الْإِيقَاظُ فِي الْحَالِ أَبْلَغَ لِوَعْيِهِنَّ مَا يُخْبِرُهُنَّ بِهِ ، وَلِسَمْعِهِنَّ مَا يَعِظُهُنَّ بِهِ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ : " قِيَامِ اللَّيْلِ " مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّلَاةِ ، وَالْقِرَاءَةِ ، وَالذِّكْرِ ، وَسَمَاعِ الْمَوْعِظَةِ ، وَالتَّفَكُّرِ فِي الْمَلَكُوتِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَيَكُونَ قَوْلُهُ : " وَالنَّوَافِلِ " مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ . قُلْتُ : وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ كَمَا بَيَّنْتُهُ ، لَا عَلَى رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ . وَمَا نَسَبَهُ إِلَى فَهْمِ الْبُخَارِيِّ أَوَّلًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، فَإِنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَدَبِ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجَرِ " ؛ يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ حَتَّى يُصَلِّينَ ، فَظَهَرَتْ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ ، وَأَنَّ فِيهِ التَّحْرِيضَ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ . وَعَدَمُ الْإِيجَابِ يُؤْخَذُ مِنْ تَرْكِ إِلْزَامِهِنَّ بِذَلِكَ . وَجَرَى الْبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الَّذِي يُورِدُهُ ، وَسَتَأْتِي بَقِيَّةُ فَوَائِدِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْفِتَنِ . وَعَبْدُ اللَّهِ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ، وَهَذَا مِنْ أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ ، وَمِنْ أَشْرَفِ التَّرَاجِمِ الْوَارِدَةِ فِيمَنْ رَوَى عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ . وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ كَاتِبَ اللَّيْثِ رَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، فَقَالَ : " عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ " ، وَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ أَبِي مَنِيعٍ عَنْ جَدِّهِ الزُّهْرِيِّ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ ، وَهُوَ وَهْمٌ ، وَالصَّوَابُ : " عَنِ الْحُسَيْنِ " . وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ ، وَالطَّبَرِيُّ .