[1/265] وَمِنْ بَابِ التَّيَمُّمِ
( ح 049 )
أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ التَّاجِرُ ، أنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنَا الرَّبِيعُ ، [1/266] أنَا الشَّافِعِيُّ ، أنَا الثِّقَةُ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ ، فَتَيَمَّمْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَنَاكِبِ .
هَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنِ الثِّقَةِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ : عَنْ أَبِيهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقِيلَ : عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ ، وَقِيلَ : عَنْهُ دُونَ ذِكْرِ أَبِيهِ ، وَقِيلَ : عَنْهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، نَحْوَ رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ .
( ح 050 )
أخبرنَا أَبُو مَنْصُورٍ شَهْرَدَارِ بْنِ شِيرَوَيْهِ الْحَافِظُ ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِهَمَذَانَ ، أنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَدٍ ، أنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، [1/267] أنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ ، أنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عَمَّارٍ قَالَ : عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُولَاتِ الْجَيْشِ ، وَمَعَهُ عَائِشَةُ زَوْجَتُهُ ، فَانْقَطَعَ عِقْدُهَا مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ ، فَحَبَسَ النَّاسُ فِي ابْتِغَاءِ عِقْدِهَا ذَلِكَ حَتَّى أَضَاءَ الْفَجْرُ ، وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ : حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ بِالصَّعِيدِ ، قَالَ : فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمُ الْأَرْضَ ، ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَنْفُضُوا مِنَ التُّرَابِ شَيْئًا ، فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَنَاكِبِ ، وَمِنْ بُطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الْآبَاطِ
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى فِي آخَرِينَ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ .
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ :
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَدِيثِ عَمَّارٍ هَذَا ، وَرَأَوْا مَسْحَ الْيَدَيْنِ إِلَى الْآبَاطِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ .
[1/268] وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ سَالِمٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ ، وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ .
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَتَانِ : ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الرُّسْغَيْنِ . يُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
وذَهَبَتِ الْفِرْقَةُ الرَّابِعَةُ إِلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ ، وَمَكْحُولٍ ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَأَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ .
وَقَالُوا : حَدِيثُ عَمَّارٍ لَا يَخْلُو : إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عنْ أَمْرِهِ فَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ هَذَا ، وَلَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ مَعَ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ ، وَإِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ مَنْسُوخٌ ، وَنَاسِخُهُ أَيْضًا حَدِيثُ عَمَّارٍ .
( ح 051 )
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي مُوسَى الْحَافِظِ ، أَخْبَرَكَ أَبُو الْقَاسِمِ غَانِمُ بْنُ محمد بن أَبِي نَصْرٍ الْبُرْجِيُّ ، [1/269] أنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، سَمِعَ ذَرَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَجْنَبَ ، وَلَمْ يَجِدِ الْمَاءَ ، فَقَالَ : لَا تُصَلِّي ؟ فَقَالَ عَمَّارٌ : أَمَا تَذْكُرُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي كُنْتُ فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ فِي سَرِيَّةٍ ، فَأَجْنَبْنَا فَلَمْ نَجِدِ الْمَاءَ ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ وصَلَّيْتُ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : أَمَّا أَنْتَ فَلَمْ [ يَكُنْ ] يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ ، وَأَمَّا أَنْتَ يَا عَمَّارُ فَلَمْ يَكُنْ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَتَمَعَّكَ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ ، وإِنَّمَا كَانَ يَجْزِئكَ - وَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ الْأَرْضَ إِلَى التُّرَابِ - ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا ، فَنَفَخَ فِيهَا ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِفْصَلِ ، وَلَيْسَ فِيهِ الذِّرَاعَانِ .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ : ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ ، عَنْ شُعْبَةَ . وَرَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ مِنْ حَدِيثِ [1/270] يَحْيَى الْقَطَّانِ ، وَالنَّضِرِ بْنِ شُمَيْلٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، قَالُوا : وَهَذَا الْحَدِيثُ ظَاهِرُ الدِّلَالَةِ فِي النَّسْخِ ؛ لِتَأَخُّرِهِ عَنِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ فِيهِ شَأْنُ نُزُولِ الرُّخْصَةِ فِي التَّيَمُّمِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ عَمَّارًا شَهِدَ ذَلِكَ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، والْحَدِيثُ الثَّانِي كَانَ فِي بَعْضِ السَّرَايَا .
فَإِنْ قِيلَ : فَلَوْ كَانَ عَمَّارٌ حَفِظَ التَّيَمُّمَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وكَانَ الْحَدِيثُ الثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ كَمَا زَعَمْتُمْ ، لَمَا اضْطُرَّ عَمَّارٌ إِلَى التَّمْرِيغِ فِي التُّرَابِ تَمْرِيغَ الدَّابَّةِ وَلَاكْتَفَى بِالْمَسْحِ إِلَى الْآبَاطِ ؟ .
قُلْتُ : إِنَّمَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَى عُمَرَ وَعَمَّارٍ لِحُصُولِ الْجَنَابَةِ ، فَاعْتَزَلَ عُمَرُ ، وَتَمَعَّكَ عَمَّارٌ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ حَالَةَ الْجَنَابَةِ تُخَالِفُ حَالَةَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ ، إِذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا قَدْ أَصَابَتْهُمْ جَنَابَةٌ ، إِنَّمَا فِيهِ أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا ينامون ، فَأَصْبَحُوا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ ، وَاحْتَاجُوا إِلَى الْوُضُوءِ ، فَأُمِرُوا بِالْوُضُوءِ .
( ث 013 )
أَخْبَرَنِي أَبُو الْمَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الزَّاهِدُ ، أنَا زَاهِرُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، [1/271] أنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ ، أنَا الْحَاكِمُ ، أنَا أبو [ الْعَبَّاسُ الْمُوصِلِيُّ ، أنَا ] الرَّبِيعُ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : وَلَا يَجُوزُ عَلَى عَمَّارٍ إِذَا كَانَ ذَكَرَ تَيَمُّمَهُمْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ نُزُولِ الْآيَةِ إِلَى الْمَنَاكِبِ إِنْ كَانَ عَنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عِنْدَهُ ؛ إِذْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالتَّيَمُّمِ عَلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ .