[26] ( 2290 ) - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلًا يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ ، مَنْ وَرَدَ شَرِبَ ، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ، وَلَيَرِدَنَّ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ . قَالَ أَبُو حَازِمٍ : فَسَمِعَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ ، وَأَنَا أُحَدِّثُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : هَكَذَا سَمِعْتَ سَهْلًا يَقُولُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ قَالَ : وَأَنَا أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَسَمِعْتُهُ يَزِيدُ ، فَيَقُولُ : إِنَّهُمْ مِنِّي فَيُقَالُ : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ : سُحْقًا سُحْقًا لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي .
( 2291 ) وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ يَعْقُوبَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا ) أَيْ شَرِبَ مِنْهُ . وَالظَّمَأُ مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ كَمَا وَرَدَ بِهِ [15/453] الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ ، وَهُوَ الْعَطَشُ ، يُقَالُ : ظَمِئَ يَظْمَأُ ظَمَأً ، فَهُوَ ظَمْآنٌ ، وَهُمْ ظِمَاءٌ بِالْمَدِّ كَعَطِشَ عَطَشًا فَهُوَ عَطْشَانٌ وَهُمْ عِطَاشٌ .
قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الشُّرْبَ مِنْهُ يَكُونُ بَعْدَ الْحِسَابِ وَالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يُظْمَأُ بَعْدَهُ . قَالَ : وَقِيلَ : لَا يَشْرَبُ مِنْهُ إِلَّا مَنْ قُدِّرَ لَهُ السَّلَامَةُ مِنَ النَّارِ . قَالَ : وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقُدِّرَ عَلَيْهِ دُخُولُ النَّارِ لَا يُعَذَّبُ فِيهَا بِالظَّمَأِ ، بَلْ يَكُونُ عَذَابُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ ، لِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ جَمِيعَ الْأُمَّةِ يَشْرَبُ مِنْهُ إِلَّا مَنِ ارْتَدَّ وَصَارَ كَافِرًا .
قَالَ : وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ جَمِيعَ الْأُمَمِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْخُذُونَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ ، ثُمَّ يُعَذِّبُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ شَاءَ مِنْ عُصَاتِهِمْ . وَقِيلَ : إِنَّمَا يَأْخُذُهُ بِيَمِينِهِ النَّاجُونَ خَاصَّةً . قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا مِثْلُهُ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ وَرَدَ شَرِبَ ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَارِدِينَ كُلَّهُمْ يَشْرَبُونَ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْهُ الَّذِينَ يُزَادُونَ وَيُمْنَعُونَ الْوُرُودَ لِارْتِدَادِهِمْ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ بَيَانُ هَذَا الذَّوْدِ وَالْمَذُودِينَ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( سُحْقًا سُحْقًا ) أَيْ بُعْدًا لَهُمْ بُعْدًا ، وَنَصْبُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَكَرَّرَ لِلتَّوْكِيدِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ سَهْلٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذَا الْعَطْفُ عَلَى سَهْلٍ ، فَالْقَائِلُ : وَعَنِ النُّعْمَانِ هُوَ أَبُو حَازِمٍ ، فَرَوَاهُ عَنْ سَهْلٍ ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ .