[3/121] 169 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ
الَّتِي سَمَّاهَا خِدَاجًا مَا هِيَ ؟ وَمَا حُكْمُهَا فِي ذَلِكَ ؟
هَلْ هُوَ فَسَادُهَا وَوُجُوبُ إِعَادَتِهَا ؟ أَوْ مَا سِوَى ذَلِكَ ؟
1087 - حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبَّادٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ : كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ .
1088 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ [3/122] قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
1089 - حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا السَّائِبِ مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ فَهِيَ خِدَاجٌ ، غَيْرُ تَمَامٍ .
1090 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَسَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ مِثْلَهُ .
[3/123] 1091 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو غَسَّانَ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي الْخِدَاجِ مَا هُوَ ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَاهُ النُّقْصَانَ فِي الْخَلْقِ ، وَوَجَدْنَاهُ النُّقْصَانَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَيُقَالُ لِمَنْ كَانَ نَاقِصًا فِي خَلْقِهِ أَوْ نَاقِصًا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ بِهِ : إِنَّهُ خِدَاجٌ ، وَيُقَالُ بِذَلِكَ : إِنَّهُ مُخْدَجٌ . وَمِنْهُ قِيلَ لِذِي الثُّدَيَّةِ : الْمُخْدَجُ .
[3/124] ثُمَّ وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ سَمَّى صَلَاةً أُخْرَى خِدَاجًا لِمَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي سَمَّى بِهِ هَذِهِ الصَّلَاةَ خِدَاجًا .
1092 - كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ سَعِيدٍ يَعْنِي عَبْدَ رَبِّهِ بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : الصَّلَاةُ مَثْنَى مَثْنَى ، وَتَشَهَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ، وَتَبَاءَسُ وَتَمَسْكَنُ ، وَتُقْنِعُ بِيَدَيْكَ وَتَقُولَ : اللَّهُمَّ اللَّهُمَّ ! فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ .
[3/125] 1093 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ .
1094 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهِيَ خِدَاجٌ .
1095 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، [3/126] عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؛ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : وَتُقْنِعُ بِيَدَيْكَ . يَقُولُ : تَرْفَعُهَا إِلَى رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَقْبِلًا بِبُطُونِهِمَا وَجْهَكَ ، وَتَقُولُ : يَا رَبِّ يَا رَبِّ ! فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَذَا وَكَذَا ، يَعْنِي فَهِيَ خِدَاجٌ .
1096 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى وَمَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَيْفٍ التُّجِيبِيُّ قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي قُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَالِحٍ سَوَاءً .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَلَمَّا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَوَجَدْنَاهُ إِنَّمَا يَدُورُ عَلَى عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، ثُمَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا عَنْهُ فِيهِ هُمْ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ ، فَيَقُولُ شُعْبَةُ فِيهِ : [3/127] عَنْ أَنَسِ بْنِ أَبِي أَنَسٍ ، وَيَقُولُ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِيهِ مَكَانَ ذَلِكَ : عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ . فَكَانَ مَعْقُولًا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَمَا قَالَ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِيهِ لَا كَمَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّ عِمْرَانَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ ، قَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلِأَنَّ أَنَسَ بْنَ أَبِي أَنَسٍ لَا يُعْرَفُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ ابْنَ أَبِي أَنَسٍ هَذَا إِلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ . فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مِصْرَ بِنَسَبِهِ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ .
ثُمَّ وَجَدْنَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مُخْتَلِفِينَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي يُحَدِّثُ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ فَيَقُولُ شُعْبَةُ : إِنَّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ ، وَإِنَّ الَّذِي يُحَدِّثُهُ عَنْهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ هُوَ الْمُطَّلِبُ . وَيَقُولُ مَكَانَ ذَلِكَ اللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ : عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ مَكَانَ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ ، وَعَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ مَكَانَ الْمُطَّلِبِ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ .
فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ هُوَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ ، وَيُكَنَّى أَبَا أَرْوَى . وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ أَسَنَّ مِنْ عَمِّهِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بِسَنَتَيْنِ ، وَلَهُ ابْنٌ قَدْ رَوَى ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
1097 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : جَاءَ الْعَبَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – [3/128] وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ : مَا شَأْنُكَ يَا عَمَّ رَسُولِ اللهِ ؟ فَقَالَ : مَا لَنَا وَلِقُرَيْشٍ؟ قَالَ : مَا لَكَ وَلَهُمْ ، خَيْرًا ! قَالَ : يَلْقَى بَعْضُنَا بَعْضًا بِوُجُوهٍ مُشْرِقَةٍ ، فَإِذَا لَقُونَا لَقُونَا بِغَيْرِ ذَلِكَ . قَالَ : فَغَضِبَ حَتَّى اسْتَدَرَّ عِرْقٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، فَلَمَّا أَسْفَرَ عَنْهُ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَدْخُلُ قَلْبَ امْرِئٍ إِيمَانٌ حَتَّى يُحِبَّكُمْ لِلهِ وَلِرَسُولِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُونِي فِي الْعَبَّاسِ ؟ إِنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ !
[3/129] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْمُطَّلِبُ بْنُ رَبِيعَةَ هَذَا هُوَ صَاحِبُ حَدِيثِ الصَّدَقَاتِ الَّذِي .
1098 - حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ : حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ حَدَّثَهُ قَالَ : اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَا : لَوْ بَعَثْنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ .
[3/130] وَاحْتَجْنَا إِلَى ذِكْرِ هَذَا مِنْهُ ؛ لِنَقِفَ عَلَى الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ مَنْ هُوَ ؟ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُهُ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ سِنَانٍ ذِكْرُهُ بِالْمُطَّلِبِ ، فَكَأَنَّهُ كَانَ سُمِّيَ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، ثُمَّ رُدَّ فِي الْإِسْلَامِ إِلَى الْمُطَّلِبِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ لَقِيَ رَبِيعَةَ بْنَ الْحَارِثِ ، وَكَانَ مَوْهُومًا أَنْ يَكُونَ قَدْ لَقِيَ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْحَارِثِ ، وَكَانَ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ يَرْوِي [3/131] عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي سِنُّهُ فَوْقَ سِنِّ أَبِيهِ فَكَانَ الصَّحِيحُ فِيمَا اخْتَلَفَ فِيهِ شُعْبَةُ وَاللَّيْثُ وَابْنُ لَهِيعَةَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا بَعْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعِ بْنِ الْعَمْيَاءِ كَمَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ وَصْفُ تَيْنِكَ الصَّلَاتَيْنِ أَنَّهُمَا خِدَاجٌ ، فَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّ مَنْ صَلَّى وَلَمْ يَقْرَأْ فِي صَلَاتِهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لَمْ تُجْزِهِ ، وَجَعَلُوا التَّقْصِيرَ الَّذِي دَخَلَهَا حَتَّى عَادَتْ خِدَاجًا يُبْطِلُهَا .
وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ، فَجَعَلُوهَا جَازِيَةً مُخْدَجَةً بِتَرْكِ مُصَلِّيهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِيهَا ، وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْخِدَاجَ لَا يَذْهَبُ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي يُسَمَّى بِهِ ، إِنَّمَا يَنْقُصُ بِهِ فَالصَّلَاةُ الَّتِي ذَكَرْنَا لَمَّا وَجَبَ نُقْصَانُهَا لَمْ تَكُنْ مَعْدُومَةً ، وَلَكِنَّهَا مَوْجُودَةٌ نَاقِصَةٌ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ نَقَصَتْ صَلَاتُهُ بِمَعْنَى تَرْكِهِ مِنْهَا يَجِبُ بِهِ فَسَادُهَا قَدْ رَأَيْنَاهُ بِتَرْكِهِ إِتْمَامَ رُكُوعِهَا وَإِتْمَامَ سُجُودِهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ نَقْصًا مِنْهَا ، وَلَا تَكُونُ بِهِ فَاسِدَةً يَجِبُ إِعَادَتُهَا فَلَا يُنْكَرُ أَنْ يَكُونَ بِتَرْكِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِيهَا نَاقِصَةٌ نُقْصَانًا لَا يَجِبُ مَعَهُ إِعَادَتُهَا .
وَقَدْ وَجَدْنَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا .
1099 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ ( ح ) . وَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، وَمَا حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُرَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدٌ . قَالُوا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : سَافَرْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا مَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَقَالَ : ادْعُ لِيَ عَلِيًّا ! فَقَالَتْ : أَلَا نَدْعُو لَكَ أَبَا بَكْرٍ ؟ قَالَ : ادْعُوهُ . فَقَالَتْ [3/132] حَفْصَةُ : أَلَا نَدْعُو لَكَ عُمَرَ ؟ قَالَ : ادْعُوهُ . فَقَالَتْ أُمُّ الْفَضْلِ : أَلَا نَدْعُو لَكَ الْعَبَّاسَ عَمَّكَ ؟ قَالَ : ادْعُوهُ .
فَلَمَّا حَضَرُوا رَفَعَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لِيُصَلِّ لِلنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ . وَوَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَفْسِهِ خِفَّةً ، فَخَرَجَ يُهَادَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَلَمَّا أَحَسَّهُ أَبُو بَكْرٍ سَبَّحُوا ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَأَخَّرُ ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَانَكَ . فَاسْتَتَمَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمٌ وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ . فَائْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِرَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَائْتَمَّ النَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ
.
[3/133] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَتَمَّ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى أَبُو بَكْرٍ إِلَيْهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، فَلَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ : أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ فِي الْقِرَاءَةِ وَقَدْ قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ أَوْ قَدْ قَرَأَ بَعْضَهَا ، فَلَمْ يَقْرَأْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا ، وَكَانَتْ صَلَاتُهُ تِلْكَ قَدْ أَجْزَتْهُ بِذَلِكَ ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ أَنَّ تَرْكَ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ بَعْضِهَا لَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ ، كَمَا يَقُولُ الَّذِينَ يَقُولُونَ ذَلِكَ .
وَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ لَا يَخْتَلِفَانِ أَنَّ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا ، وَأَنَّهَا لَا يَفْسُدُ تَرْكُهَا كَمَا قَالَ آخَرُونَ حَتَّى يَتَّفِقَ الْحَدِيثَانِ وَلَا يَخْتَلِفَانِ .
ثُمَّ وَجَدْنَا أَهْلَ الْمَقَالَةِ الْأُولَى الَّذِينَ يُفْسِدُونَ الصَّلَاةَ بِتَرْكِ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ يُسَوُّونَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ جَمِيعًا ، وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ جَمِيعًا لَا يَخْتَلِفُونَ فِيمَنْ دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ لِدُخُولِهِ فِيهَا ، ثُمَّ كَبَّرَ لِرُكُوعِهِ فَرَكَعَ وَلَمْ يَقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لِخَوْفِ فَوْتِ الرَّكْعَةِ إِيَّاهُ إِنْ قَرَأَهَا أَنْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ قَدْ تُجْزِئُ الصَّلَاةُ دُونَهَا .
فَإِنْ قَالُوا : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِضَرُورَةٍ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ مُخَالِفَهُمْ فِي ذَلِكَ يَقُولُ لَهُمْ : وَهَلْ تُسْقِطُ الضَّرُورَةُ فَرْضًا ؟ قَدْ وَجَدْنَا هَذَا الدَّاخِلَ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ عِنْدَ هَذِهِ الضَّرُورَةِ لَوْ رَكَعَ ، وَلَمْ يَقُمْ قَبْلَهَا قَوْمَةً - أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تُجْزِئُهُ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَوْمَةٍ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَهَا وَإِنْ قَلَّتْ ، فَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ لَهُ مِنْ قِرَاءَتِهَا ، وَكَانَتِ الضَّرُورَةُ غَيْرَ دَافِعَةٍ عَنْهُ فَرْضَهَا كَمَا لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ فَرْضَ الْقِيَامِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ . وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ .وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .