[12/138] 740 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْطِنِ الَّذِي تَعْتَكِفُ فِيهِ النِّسَاءُ .
4709 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَكَانَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِيهِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ ، فَأَمَرَ فَضُرِبَ لَهُ خِبَاءٌ ، وَأَمَرَتْ عَائِشَةُ ، فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ ، وَأَمَرَتْ حَفْصَةُ فَضُرِبَ لَهَا خِبَاءٌ ، فَلَمَّا رَأَتْ زَيْنَبُ خِبَائَيْهِمَا أَمَرَتْ بِخِبَاءٍ ، فَضُرِبَ لَهَا ، فَلَمَّا رَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : مَا هَذَا ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ ؟ ! فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ وَاعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ .
4710 - وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ حَدَّثَتْهُ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ [12/139] رَضِيَ اللهُ عَنْهَا لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ ، فَأَذِنَ لَهَا ، فَضَرَبَتْ خِبَاءَهَا ، فَسَأَلَتْهَا حَفْصَةُ لِتَسْتَأْذِنَهُ لَهَا لِتَعْتَكِفَ مَعَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ضَرَبَتْ مَعَهُنَّ وَكَانَتِ امْرَأَةً غَيُورًا ، فَرَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِيَتَهُنَّ ، فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ آلْبِرَّ تُرِدْنَ ؟ ! فَتَرَكَ الِاعْتِكَافَ حَتَّى أَفْطَرَ مِنْ رَمَضَانَ ، ثُمَّ إِنَّهُ اعْتَكَفَ فِي عَشْرٍ مِنْ شَوَّالٍ .
4711 - وَحَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ يُونُسُ فِي حَدِيثِهِ : إِنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، وَقَالَ الرَّبِيعُ فِي حَدِيثِهِ : قَالَ : سَمِعْتُ مَالِكًا يُحَدِّثُ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالَا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي حَدِيثَيْهِمَا عَائِشَةَ .
4712 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَتْنِي عَمْرَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ .
[12/140] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ إِرَادَةُ مَنْ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَإِذْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ أَذِنَ لَهَا مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا بَابٌ مِنَ الْفِقْهِ قَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ .
فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : تَعْتَكِفُ النِّسَاءُ فِي الْمَسَاجِدِ كَمَا يَعْتَكِفُ الرِّجَالُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ أَنْ يَعْتَكِفْنَ فِي غَيْرِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ .
وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ : بَلْ يَعْتَكِفْنَ فِي مَسَاجِدِ بُيُوتِهِنَّ ، وَلَا يَعْتَكِفْنَ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ كَمَا يَعْتَكِفُ الرِّجَالُ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ .
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ : هَلْ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحِجَازِيُّونَ إِلَى مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ مِمَّا ذَهَبُوا إِلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، أَمْ لَا ؟
فَوَجَدْنَا الَّذِي فِيهِ مِمَّا أَذِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ، لِمَنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مِنْ أَزْوَاجِهِ . فَوَجَدْنَا ذَلِكَ : إِنَّمَا كَانَ عَلَى اعْتِكَافٍ مِنْهُنَّ مَعَهُ فِيهِ ، وَقَدْ رَأَيْنَا النِّسَاءَ يُسَافِرْنَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ وَمَعَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ مَحَارِمِهِنَّ إِلَى الْأَسْفَارِ الْبَعِيدَةِ ، وَلَيْسَ لَهُنَّ أَنْ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ مَعَ غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ ، وَمَعَ غَيْرِ مَحَارِمِهِنَّ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي اتَّسَعَ بِهِ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ فِي الِاعْتِكَافِ [12/141] فِي الْمَسْجِدِ هُوَ لِكَوْنِهِ مَعَهُنَّ فِيهِ بِحَقِّ الزَّوْجِيَّةِ الَّتِي بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَهُ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِحُرْمَتِهِنَّ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ سِوَاهُ ، فَاتَّسَعَ لَهُنَّ بِذَلِكَ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَمْ يَتَّسِعْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِنَّ مِمَّنْ هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَا احْتَجَّ بِهِ الْحِجَازِيُّونَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ .
وَنَظَرْنَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ النِّسَاءِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ .
4713 - فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَوْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ ، كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ .
[12/142] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي هَذَا وَهِيَ الْمَأْمُونَةُ عَلَى مَا قَالَتْ مَعَ عِلْمِهَا وَفِقْهِهَا وَيَقَظَتِهَا ، مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ إِنَّمَا كَانَ لَهُنَّ إِتْيَانُ الْمَسَاجِدِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسِعًا لِحَالٍ كُنَّ عَلَيْهَا ، وَقَدْ خَرَجْنَ عَنْهَا بَعْدَهُ إِلَى ضِدِّهَا ، فَانْتَفَى بِذَلِكَ مَا كَانَ وَاسِعًا لَهُنَّ مِنْ إِتْيَانِهِنَّ إِيَّاهُ عَلَى مَا كُنَّ يَأْتِينَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذَا كُنَّ كَذَلِكَ فِي حَيَاةِ عَائِشَةَ كُنَّ بَعْدَ مَوْتِهَا مِنْ ذَلِكَ أَبْعَدَ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّهُ : إِنْ كَانَ لَهُنَّ أَنْ يَعْتَكِفْنَ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُنَّ فِي خِلَافِ الْمَسَاجِدِ لَا فِي الْمَسَاجِدِ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .