[13/164] 816 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ فِي جَيْشِ الْأُمَرَاءِ : " الْأَمِيرُ زَيْدٌ ، فَإِنْ قُتِلَ زَيْدٌ ، فَالْأَمِيرُ جَعْفَرٌ ، فَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ ، فَالْأَمِيرُ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ " ، وَاسْتِخْرَاجِ مَا فِيهِ مِنَ الْفِقْهِ
5169 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْفَضْلِ الْعَتَكِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشًا ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ ، فَقَالَ : إِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ قَبْلَ ذَلِكَ أَوِ اسْتُشْهِدَ ، فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ ، فَإِنْ قُتِلَ أَوِ اسْتُشْهِدَ ، فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ " ، فَأَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ جَعْفَرٌ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَقَاتَلَ - وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قُتِلَ ، وَأَرَى ذَلِكَ سَقَطَ مِنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَمِمَّنْ سِوَاهُ مِنْ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ - ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَفَتَحَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَيْهِ ، فَأَتَى خَبَرُهُمْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ ، فَحَمِدَ اللهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ لَقَوُا الْعَدُوَّ ، وَإِنَّ زَيْدًا أَخَذَ الرَّايَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، أَوِ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ بَعْدَهُ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي [13/165] طَالِبٍ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، أَوِ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ ، أَوِ اسْتُشْهِدَ ، ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ مِنْ بَعْدِهِ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ " . ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ لَمْ يَأْتِهِمْ ، ثُمَّ أَتَاهُمْ ، فَقَالَ : " لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ ، ادْعُ لِيَ بَنِي أَخِي " . فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّا أَفْرُخٌ ، فَقَالَ : " ادْعُوا لِي الْحَلَّاقَ " ، فَجِيءَ بِالْحَلَّاقِ ، فَحَلَقَ رُؤُوسَنَا ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا مُحَمَّدٌ فَيُشْبِهُ عَمِّي أَبَا طَالِبٍ ، وَأَمَّا عَوْنٌ فَيُشْبِهُ خَلْقِي وَخُلُقِي " .
ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ اخْلُفْ جَعْفَرًا فِي أَهْلِهِ ، وَبَارِكْ لِعَبْدِ اللهِ فِي صَفْقَةِ يَمِينِهِ " ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَجَاءَتْ أُمُّنَا ، فَذَكَرَتْ يُتْمَنَا ، فَقَالَ : " الْعَيْلَةَ تَخَافِينَ عَلَيْهِمْ ؟ فَأَنَا وَلِيُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
.
[13/166] 5170 - وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو قَتَادَةَ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشَ الْأُمَرَاءِ ، فَقَالَ : " عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، فَإِنْ أُصِيبَ ، فَجَعْفَرٌ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ " . فَوَثَبَ جَعْفَرٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا كُنْتُ أَذْهَبُ أَنْ تُقَدِّمَ زَيْدًا عَلَيَّ ! فَقَالَ : " امْضِ ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ " ، فَانْطَلَقُوا ، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، فَنَادَى : الصَّلَاةَ جَامِعَةً ، فَثَارَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ : " أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ هَذَا الْغَازِي : إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا حَتَّى لَقُوا الْعَدُوَّ ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا - فَاسْتَغْفَرَ لَهُ - ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ ، فَشَدَّ عَلَى الْقَوْمِ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا رَحِمَهُ اللهُ " فَشَهِدَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، " ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا - فَاسْتَغْفَرَ لَهُ - ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ " .
ثُمَّ مَدَّ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَيْهِ ، فَقَالَ : " إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ ، فَأَنْتَ [13/167] تَنْصُرُهُ " فَمُنْذُ يَوْمَئِذٍ سُمِّيَ خَالِدٌ سَيْفَ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ : انْفِرُوا فَمُدُّوا إِخْوَانَكُمْ ، وَلَا يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ . فَنَفَرُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ مُشَاةً وَرُكْبَانًا ، فَبَيْنَا نَحْنُ نَسِيرُ لَيْلَةً عَلَى الطَّرِيقِ ، إِذْ نَعَسَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- .
وَوَقَفَ عَلَى هَذَا مِنَ الْحَدِيثِ ، فَفِي هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ وَالِيًا بَعْدَ قَتْلِ غَيْرِهِ مِمَّنْ ذَكَرَهُ مِنْهُمْ ، فَكَانَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَذَلِكَ وَالِيًا بِمُخَاطَرَةٍ وُلِّيَ عَلَيْهَا ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ : إِذَا كَانَ كَذَا وَكَذَا ، فَقَدْ وَلَّيْتُ فُلَانًا كَذَا ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي الْوِلَايَةِ ، كَانَ مِثْلُهُ جَائِزًا فِي الْوَكَالَةِ ، كَمَا يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِي الرَّجُلِ ، يَقُولُ : إِذَا كَانَ كَذَا ، فَفُلَانٌ وَكِيلِي فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ مُخَالِفُونَ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ خَالِدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِلَا تَوْلِيَةٍ لِمَا رَأَى مِنَ الْحَاجَةِ إِلَى ذَلِكَ ، فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ مَا حَدَثَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا شَغَلَ إِمَامَهُمْ عَنِ التَّوْلِيَةِ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ [13/168] يَتَوَلَّى عَلَى الْقِيَامِ بِذَلِكَ الْقِيَامُ بِهِ ، بَلْ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ ، وَعَلَى النَّاسِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيهِ ، وَقَدِ امْتَثَلَ ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْهَا وَمُنِعَهَا ، فَصَلَّى هُوَ بِالنَّاسِ .
كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ - مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ - قَالَ : شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعُثْمَانُ مَحْصُورٌ ، فَجَاءَ فَصَلَّى ، ثُمَّ انْصَرَفَ ، فَخَطَبَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا خَافَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلنَّاسِ يَوْمَئِذٍ صَلَاةُ عِيدٍ ، وَقَدْ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - وَمِنْ أَصْلِهِ : أَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا بِسُلْطَانٍ - قَدْ قَالَ فِي السُّلْطَانِ يَشْغَلُهُ عَنْهَا أَمْرٌ مِمَّا يَخَافُ فَوْتَهُ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ قَبْلِهِ مِمَّنْ يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا : أَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا مِنَ النَّاسِ ، قَامَ بِهَا ، فَيَكُونُ فِي قِيَامِهِ بِهَا كَقِيَامِهِ لَوْ قَامَ بِهَا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ الَّذِي إِلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا ، وَعَلَى النَّاسِ سِوَاهُ اتِّبَاعُهُ فِي ذَلِكَ .
وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُخَالِفَانِ مُحَمَّدًا فِيمَا قَالَ مِنْ هَذَا ، وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ ، لَا كَمَا قَالَا .
[13/169] وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا يَدْخُلُ فِيمَا كَانَ مِنْ خَالِدٍ مِمَّا ذَكَرَ فِيهِ .
5171 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : خَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ ، فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ " . قَالَ : وَإِنَّ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ . قَالَ : " وَمَا سَرَّنِي أَنَّهُمْ عِنْدَنَا " ، أَوْ قَالَ : " مَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا شَكَّ أَيُّوبُ .
وَاللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .