[9/267] 574 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ ، قَالَ : 3634 - حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ :
حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُؤُوسَهُمْ ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُؤُوسَهُمْ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ، ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ .
[9/268] 3635 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ الْأَيْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ .
فَقَالَ قَائِلٌ : كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَصِفُونَهُ بِمَحَبَّتِهِ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ مَعَ تَبْدِيلِهِمْ لِكِتَابِهِمْ وَتَحْرِيفِهِمْ إِيَّاهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ ، وَاشْتِرَائِهِمْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ، مَعَ رِوَايَتِكُمْ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
3636 - فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَمِّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ ، أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ : بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجِنَازَةُ ؟ [9/269] قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اللهُ أَعْلَمُ . قَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّهَا تَكَلَّمُ . قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرُسُلِهِ ، وَكُتُبِهِ ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ .
[9/270] [9/271] 3637 - وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُزَيْزٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَامَةُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ ، أَنَّ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً .
قَالَ : وَإِذَا كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ أَخْبَارُهُمْ لِمَا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى رُسُلِهِ ، كَانَتْ أَفْعَالُهُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَافَقَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْهُ قَدْ دَلَّنَا عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانَ يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَيْهَا فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَهُوَ سَدْلُهُمْ شُعُورَهُمْ ، إِنَّمَا كَانَ فِيمَا [9/272] قَدْ كَانَ وَاسِعًا لَهُ حَلْقُ رَأْسِهِ ، وَكَانَ وَاسِعًا لَهُ مَا قَدْ فَعَلَ مِنْ سَدْلِ شَعَرِهِ ; إِذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ أَمْرٌ ، فَكَانَ وَاسِعًا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا أَنْ يَفْعَلَ ، وَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ فِيمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي ذَلِكَ قَدْ كَانَ مُحْتَمَلًا أَنْ يَكُونَ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِشَيْءٍ كَانُوا أُمِرُوا بِهِ فِي كِتَابِهِمْ ، فَكَانَ مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْعَرَبِ إِنَّمَا كَانُوا أَهْلَ أَوْثَانٍ وَعِبَادَةِ أَصْنَامٍ ، فَأَحَبَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا فَعَلَ مِمَّا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَفْعَلُونَهُ فِيهِ ; إِذْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَانَ مِنْهُمْ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ .
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي نَمْلَةَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي شَيْءٍ ; لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ إِخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِدْقًا ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَذِبًا ، فَعَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَنْ يَقُولُوا عِنْدَ ذَلِكَ ، وَعِنْدَ أَمْثَالِهِ مِمَّا يُخْبِرُهُمْ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ مِمَّا عَلَّمَهُمْ أَنْ يَقُولُوهُ فِي حَدِيثِ أَبِي نَمْلَةَ ، حَتَّى لَا يُصَدِّقُوا بِهِ إِنْ كَانَ كَذِبًا ، وَلَا يُكَذِّبُوا بِهِ إِنْ كَانَ صِدْقًا ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .