حدثنا أبي، حدثنا أبو الخطاب الحساني، حدثنا يزيد بن زريع، حدثني روح بن القاسم، حدثني سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما من عبد له مال، لا يؤدي زكاته، إلا جمع له يوم القيامة فيحمى عليه صفائح في جهنم، ويكوى بها جبينه من ظهره حتى يقضي الله عز وجل بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله: إما إلى الجنة، وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها، إلا يجاء بها يوم القيامة كأكبر ما كانت عليهن، يبطح لها بقاع قرقر تطؤه بأظلافها، وتنطحه بقرونها، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء، كلما مضت عليه أخراها ردت عليه أولاها، حتى يقضي الله [1/37] عز وجل بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار، قيل: يا رسول الله والخيل، قال: الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والخيل لثلاثة: لرجل أجر، ولآخر ستر، ولآخر وزر، فأما التي هي له أجر، فرجل يحبسها ويعدها في سبيل الله، فما غيبت في بطونها فهو له أجر، ولو رعاها في مرج كان له فيما غيبت أجر، ولو استنت شرفا أو شرفين كان له بكل خطوة خطتها أجر، ولو عرض لها نهر فسقاها منه كان له بكل قطرة غيبتها في بطونها أجر، حتى إنه ليذكر الأجر في أرواثها وأبوالها، وأما التي هي له ستر فرجل يتخذها تعففا وتجملا وتكرما، ولا ينسى حق الله في ظهورها ولا بطونها في عسره ويسره، وأما التي هي عليه وزر فرجل يتخذها أشرا وبطرا ورياء الناس وبذخا، قيل: يا رسول الله، فالحمر؟ قال: ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
قال أبو محمد: قوله: " في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة" فإني سمعت أبا عبد الله بن عرفة يقول: ذهب ناس إلى أن الله عز وجل يفعل فيه من الأفعال [1/38] ما يفعل مثله في خمسين ألف سنة، قال: وأما كلام العرب فإنهم يصفون أيام الشدة ولياليها بالطول، وأيام الرخاء والسرور بالقصر، وإنما يراد شدة ذلك اليوم وثقله وعظمه وهوله، كما قال الشاعر ( من الطويل ) :
تعالوا أعينوني على الليل إنه
على كل عين لا تنام طويل
فاعلم أنه يطول على الساهر لشدته عليه، ولا زيادة في الليل ولا نقصان في المقدار الذي قدره الله عز وجل، وقال آخر يذكر يوما بالشدة ( من الطويل ) :
فقلت لأصحابي مشيرا إليهم
أذا اليوم أم يوم القيامة أطول؟
وقال ابن أبي كاهل ( من الرمل ) :
كلما قلت مضى أوله
عطف الآخر منه فرجع
وقال آخر في قصر أيام السرور ( من الطويل ) :
تمتع بذا اليوم القصير فإنه
رهين بأيام الشهور الأطاول
وقال ابن أبي ربيعة ( من الطويل ) :
[1/39]
فيا لك من ليل تقاصر طوله
وما كان ليلي قبل ذلك يقصر
وقال حميد بن ثور الهلالي ( من الطويل ) :
وكائن لهونا من ربيع مسرة
وصيف لهوناه قصير ظهائره