[5/13] 288 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ قَوْلِهِ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
" مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ " .
1760 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ .
عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَضَرَ الشَّجَرَةَ بِخُمٍّ فَخَرَجَ آخِذًا بِيَدِ عَلِيٍّ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَبُّكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : أَلَسْتُمْ تَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ، وَأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ مَوْلَيَاكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : " فَمَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ هَذَا مَوْلَاهُ " أَوْ قَالَ : فَإِنَّ عَلِيًّا مَوْلَاهُ - شَكَّ ابْنُ مَرْزُوقٍ - إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا : " كِتَابَ اللهِ سَبَبُهُ بِأَيْدِيكُمْ وَأَهْلَ بَيْتِي .
[5/14] وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ مَدِينِيٌّ مَوْلَى لِأَسْلَمَ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، وَوَكِيعٌ وَأَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ .
1761 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ الْبَجَلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ، عَنْ عَمْرٍو ذِي مُرٍّ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيًّا يَنْشُدُ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ : مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ إِلَّا قَامَ ، فَقَامَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ سَمِعُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمٍّ يَقُولُ : اللَّهُمَّ مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَإِنَّ عَلِيًّا مَوْلَاهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ، وَأَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ ، وَأَبْغِضْ مَنْ أَبْغَضَهُ ، وَأَعِنْ مَنْ أَعَانَهُ ، وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ ، وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ .
[5/15] 1762 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هَارُونُ - يَعْنِي الْحَمَّالَ - قَالَ : حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ .
عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ ، قَالَ : جَمَعَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ النَّاسَ فِي الرَّحَبَةِ فَقَالَ : أَنْشُدُ بِاللهِ كُلَّ امْرِئٍ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ مَا سَمِعَ ، فَقَامَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ ، فَشَهِدُوا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ : " أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ؟ وَهُوَ قَائِمٌ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ : مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ".
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ : فَخَرَجْتُ وَفِي نَفْسِي مِنْهُ شَيْءٌ ، فَلَقِيتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ : وَمَا تُنْكِرُ ؟ أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.
[5/16] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَدَفَعَ دَافِعٌ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَقَالَ : إِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ ، وَذَكَرَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْحَجِّ مِنَ الْمَدِينَةِ الَّذِي مَرَّ فِي طَرِيقِهِ بِغَدِيرِ خُمٍّ ؛ لِأَنَّ غَدِيرَ خُمٍّ إِنَّمَا هُوَ بِالْجُحْفَةِ وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ :
1763 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ . عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَذَكَرَ حَدِيثَهُ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، قَالَ : قَدِمَ عَلِيٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ .
1764 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَطَاءٌ ، قَالَ :
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيَّ فِي أُنَاسٍ مَعِي ، قَالَ : قَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ سِعَايَتِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِمَ أَهْلَلْتَ يَا [5/17] عَلِيُّ ؟ قَالَ : بِمَا أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَأَهْدِ ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ عَلِيًّا كَمَا ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْحَجِّ مِنَ الْمَدِينَةِ الَّذِي كَانَ مُرُورُهُ فِيهِ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ مَعَهُ فِي إِقْبَالِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي طَرِيقِهِ الَّذِي كَانَ مُرُورُهُ فِيهِ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ [5/18] مَا قَالَهُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَاكَ كَانَ فِي رَجْعَتِهِ مِنْ حَجِّهِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مُحَالًا كَمَا ذَكَرْتُ لَوْ كَانَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لَهُ هَذَا فِي الْقَوْلِ فِي خُرُوجِهِ إِلَى مَكَّةَ مُتَوَجِّهًا لَهَا .
وَقَدْ وَجَدْنَا بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ فِي ذَلِكَ حَدِيثًا صَحِيحَ الْإِسْنَادِ يُخْبِرُ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ الَّذِي كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ بِغَدِيرِ خُمٍّ إِنَّمَا كَانَ فِي رُجُوعِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ حَجِّهِ لَا فِي خُرُوجِهِ مِنْهَا إِلَى حَجِّهِ .
1765 - كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي الْأَعْمَشَ - قَالَ : حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ .
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ : لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَنَزَلَ بِغَدِيرِ خُمٍّ ، أَمَرَ بِدَوْحَاتٍ فَقُمِمْنَ ثُمَّ قَالَ : كَأَنِّي دُعِيتُ فَأَجَبْتُ ، إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الْآخَرِ : كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا ، فَإِنَّهُمَا لَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الْحَوْضَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ مَوْلَايَ وَأَنَا وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ : " مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ " ، فَقُلْتُ لِزَيْدٍ : سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : مَا كَانَ فِي الدَّوْحَاتِ أَحَدٌ إِلَّا رَآهُ بِعَيْنَيْهِ وَسَمِعَهُ بِأُذُنَيْهِ .
[5/19] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ لَا طَعْنَ لِأَحَدٍ فِي أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ ، فِيهِ أَنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ بِغَدِيرِ خُمٍّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ حَجِّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ ، لَا فِي خُرُوجِهِ لِحَجِّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ .
فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ قَدْ رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ إِنَّمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَدِيرِ خُمٍّ فِي خُرُوجِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الْحَجِّ لَا فِي رُجُوعِهِ مِنَ الْحَجِّ إِلَى الْمَدِينَةِ .
[5/20] 1766 - فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى يَعْنِي : ابْنَ أَبِي عُمَرَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ ، قَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ ابْنَةُ سَعْدٍ . عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَيْهَا ، فَلَمَّا بَلَغَ غَدِيرَ خُمٍّ وَقَفَ النَّاسُ ثُمَّ رَدَّ مَنْ مَضَى ، وَلَحِقَهُ مَنْ تَخَلَّفَ ، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ بَلَّغْتُ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : " اللَّهُمَّ اشْهَدْ " - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - يَقُولُهَا ثُمَّ قَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ وَلِيُّكُمْ " قَالُوا : اللهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثًا - ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَقَامَهُ ثُمَّ قَالَ : مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلِيَّهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا رَوَاهُ كَمَا ذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ بِالْعِلْمِ وَلَا عِنْدَ أَهْلِهِ مِنْ أَهْلِ الثَّبْتِ فِي الرِّوَايَةِ .
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُهُ ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ ، وَهُوَ مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ ، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْحَرْفَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ .
[5/21] 1767 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ .
أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُحْفَةِ أَمَرَ بِالنَّخَلَاتِ يُنَحَّى مَا تَحْتَهُنَّ ، فَلَمَّا كَانَ الرَّوَاحُ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنِّي وَلِيُّكُمْ " ، قَالُوا : صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَرَفَعَهَا ثُمَّ قَالَ : هَذَا وَلِيِّي وَالْمُؤَدِّي عَنِّي وَالَى اللهُ مَنْ وَالَاهُ ، وَعَادَى مَنْ عَادَاهُ " .
1768 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ أَبُو الْجَوْزَاءِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ ، عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ .
عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ [5/22] اللهُ عَنْهُ ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : " أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ ، صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَرَفَعَهَا فَقَالَ : مَنْ كُنْتُ وَلِيَّهُ فَهَذَا وَلِيُّهُ وَإِنَّ اللهَ يُوَالِي مَنْ وَالَاهُ وَيُعَادِي مَنْ عَادَاهُ ".
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ عَثْمَةَ قَدْ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُوسَى بْنِ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيِّ ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ مِسْمَارٍ خَالِيًا ، عَنِ الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا فِيهِ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ مِمَّا احْتَجَجْتَ بِهَا ، وَقَدْ كَانَ يُغْنِينَا عَنْ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ مَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنِ التَّشَاغُلِ بِمَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ ؛ إِذْ لَيْسَ مِثْلُهُ يُعَارِضُ بِرِوَايَتِهِ رِوَايَةَ مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ مَعَهُ الثَّبْتُ فِي الرِّوَايَةِ وَالْجَلَالَةُ فِي الْمِقْدَارِ وَالْمَوْضِعُ الْجَلِيلُ فِي الْعِلْمِ ، وَلَكِنَّا تَكَلَّفْنَا مَا تَكَلَّفْنَا مِنْ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي الْحُجَّةِ عَلَيْكَ .
وَلَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَأَى عَائِشَةَ ابْنَةَ سَعْدٍ ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا . [5/23] فَسَمِعَتْ يُونُسَ يَقُولُ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، وَأَشْهَبُ جَمِيعًا عَنْ مَالِكٍ ، قَالَ : حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ ابْنَةُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِرْكَنٌ يَتَوَضَّأُ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْهُ فِي حَدِيثِ أَشْهَبَ رُبَّمَا تَوَضَّأَ بِفَضْلِهِمْ .
فَسَمِعْتُ يُونُسَ لَمَّا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ يَقُولُ : انْظُرُوا إِلَى ضَبْطِ مَالِكٍ ، وَإِلَى اخْتِيَارِهِ فِيمَنْ يَأْخُذُ الْعِلْمَ عَنْهُ ، إِنَّهُ دَخَلَ عَلَى هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَلَمْ يَرَهَا تَضْبِطُ مَا تُحَدِّثُ بِهِ ، فَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهَا شَيْئًا إِلَّا مَا يُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهَا قَدْ ضَبَطَتْهُ ، وَإِنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ عَنْهَا ، وَلَمْ يَأْخُذْ عَنْهَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ عَنْهَا ، ثُمَّ ذَكَرَ لَنَا مَعَ ذَلِكَ عَنْ مَنْ لَمْ يُسَمِّهِ لَنَا عَنْ مَالِكٍ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ لَفْظِهِ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ : هَذَا الْقَائِلُ فَإِنَّ عَائِشَةَ هَذِهِ قَدْ حَدَّثَ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ عَنْهَا فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى جَلَالَةِ مِقْدَارِهَا فِي الْعِلْمِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا أَخَذَ الْحَكَمُ عَنْهَا شَيْئًا مِنْهُ.
قِيلَ لَهُ : إِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَنِ الْحَكَمِ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ وَرِوَايَتُهُ كَمَا لَا خَفَاءَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِالرِّوَايَةِ .
1769 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُجَالِدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ .
عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ فِي غَزْوَةِ [5/24] تَبُوكَ : أَنْتَ مِنِّي مَكَانَ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي .
وَقَالَ : كَأَنَّ الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَكَمَ لَمْ يَأْخُذْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّبْتُ فِي رِوَايَتِهِ الْمَأْمُونُ عَلَيْهَا الضَّابِطُ لَهَا الْحُجَّةُ فِيهَا ، وَهُوَ شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ .
1770 - كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ - يَعْنِي غُنْدَرًا - قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ .
عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : خَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ تُخَلِّفُنِي عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ؟ فَقَالَ : أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي .
فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ انْتِفَاءُ مَا رَوَى لَيْثٌ فِي ذَلِكَ عَنِ الْحَكَمِ [5/25] وَثَبَتَ مَا رَوَى شُعْبَةُ فِيهِ .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَمَا مَعْنَى : " مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ؟ ".
فَقِيلَ لَهُ : الْمَوْلَى هَاهُنَا هُوَ الْوَلِيُّ كَمَا قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِيمَا رَوَيْنَا فَمَنْ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيًّا كَانَ لِعَلِيٍّ كَذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .