[5/62] 293 – بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي كَيْفِيَّةِ عُقُوبَاتِ أَهْلِ اللِّقَاحِ
1810 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَنَسٍ : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ قَالَ : هُمْ قَوْمٌ مِنْ عُكْلٍ ، قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ .
1811 - حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ ، [5/63] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَوِ ابْنِ عَمْرٍو - الشَّكُّ مِنْ عَمْرٍو - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي حَدِيثَ الْعُرَنِيِّينَ ، قَالَ : وَفِيهِمْ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُحَارَبَةِ .
1812 - حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ الْجَرْمِيُّ ، قَالَ :
حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسٌ مِنْ عُكْلٍ ، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَأَتَوْهَا ، فَقَتَلُوا رُعَاتَهَا ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ [5/64] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ ، فَأُتِيَ بِهِمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، ثُمَّ لَمْ يَحْسِمْهُمْ .
1813 - حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَدِمَ ثَمَانِيَةُ رَهْطٍ مِنْ عُكْلٍ فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ ، فَبَعَثَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَوْدٍ لَهُ ، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا ، فَلَمَّا صَحُّوا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَقَتَلُوا وَسَرَقُوا الْإِبِلَ ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ ، وَتُرِكُوا حَتَّى مَاتُوا .
1814 - حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَدِمَ نَاسٌ مِنْ عُرَيْنَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْا ، فَقَالَ : لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدٍ لَنَا فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا ، قَالَ : وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَنَّهُ قَدْ حَفِظَ عَنْهُ " أَبْوَالَهَا .
[5/65] 1815 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُشَيْشٍ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ وَحُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ ، وَقَالَ : مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا ذِكْرُ الْعُقُوبَةِ مَا كَانَتْ لِمَعْنًى احْتَجْنَا إِلَى ذِكْرِهِمَا مِنْ أَجْلِهِ ، سَنَأْتِي بِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَتْلُو هَذَا الْبَابَ إِنْ شَاءَ اللهُ .
1816 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ الذُّهْلِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ :
[5/66] إِيَّايَ حَدَّثَ أَنَسٌ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ تُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ، فَصَحُّوا ، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ ، فَأُدْرِكُوا فَجِيءَ بِهِمْ ، فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ، وَسُمِلَتْ أَعْيُنُهُمْ ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا .
1817 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ الْوَاسِطِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا ، فَقَالَ لَهُمْ : إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَخْرُجُوا إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ ، فَتَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا ، فَفَعَلُوا فَصَحُّوا ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى الرِّعَاءِ فَقَتَلُوهُمْ ، ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ .
[5/67] 1818 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ ، فَأَسْلَمُوا وَبَايَعُوهُ ، فَوَقَعَ الْمُومُ - وَهُوَ الْبِرْسَامُ - فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَذَا الْوَجَعُ قَدْ وَقَعَ ، فَلَوْ أَذِنْتَ لَنَا فَخَرَجْنَا إِلَى الْإِبِلِ وَكُنَّا فِيهَا ، قَالَ : نَعَمِ اخْرُجُوا فَكُونُوا فِيهَا ، فَخَرَجُوا فَقَتَلُوا أَحَدَ الرَّاعِيَيْنِ ، وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ ، قَالَ : وَجَاءَ الْآخَرُ وَقَدْ جُرِحَ فَقَالَ : قَدْ قَتَلُوا صَاحِبِي ، وَذَهَبُوا بِالْإِبِلِ ، وَعِنْدَهُ شَبَابٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَبَعَثَ مَعَهُمْ قَائِفًا فَقَصَّ آثَارَهُمْ ، فَأُتِيَ بِهِمْ ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ .
[5/68] 1819 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَسَدِ بْنِ مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنِ ابْنِ شَوْذَبٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : دَعَا الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَقَالَ لَهُ : مَا أَعْظَمُ عُقُوبَةٍ عَاقَبَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَحَدَّثَهُ بِالَّذِينَ قَطَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ ، وَأَلْقَاهُمْ بِالْحَرَّةِ ، وَلَمْ يُطْعِمْهُمْ وَلَمْ يَسْقِهِمْ حَتَّى مَاتُوا .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ قَتْلًا ، لَهُمُ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ فِي الْآيَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِيهِمْ بِمَا قَدْ تَقَدَّمَتْ تِلَاوَتُنَا لَهَا فِي هَذَا الْبَابِ . فَاسْتَدَلَّ بَعْضُ النَّاسِ بِذَلِكَ لِمَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُهُ فِي الْمُحَارِبِينَ : إِذَا أَخَذُوا الْأَمْوَالَ وَقَتَلُوا ، أَنَّ الْإِمَامَ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ : إِنْ شَاءَ قَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْ خِلَافٍ ، كَمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ لَوْ أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا ، وَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ عُقُوبَةً لِلْقَتْلِ الَّذِي كَانَ [5/69] مِنْهُمْ مِمَّا قَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ : لَا سَبِيلَ لَهُ إِلَى قَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ ، وَإِنَّمَا سَبِيلُهُ عَلَيْهِمْ قَتْلُهُمْ ، لَا مَا سِوَى ذَلِكَ ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الَّذِي إِلَى الْإِمَامِ فِي الْحُدُودِ إِقَامَتُهَا ، وَلَيْسَ إِلَيْهِ تَرْكُهَا ، وَلَمَّا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى تَرْكُ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ ، وَالِاكْتِفَاءُ بِالْقَتْلِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إِقَامَتُهُ فِيهِمْ . عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَا لَهُ تَرْكُهُ لَيْسَ مِنَ الْحُدُودِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إِقَامَتُهُ مِنْهَا ، فَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ إِلَى غَيْرِهِ .
وَكَانَ مِنْ حُجَّتِنَا لِمَنِ احْتَجَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ بِمَا ذَكَرْنَا عَلَى مُخَالَفَتِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِنْهُ فِي أُولَئِكَ الْقَوْمِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِيهِمْ مَا كَانَ قَبْلَ نَهْيِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُ عَنِ الْمُثْلَةِ بِمَنْ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ ، فَكَانَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْتُلَ مَنْ حَلَّ لَهُ قَتْلُهُ بِقَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ وَتَرْكِ حَسْمِهَا ، وَمَنْعِ أَهْلِهَا - حَلَّ لَهُ فِي أُولَئِكَ الْقَوْمِ - مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ حَتَّى يَمُوتُوا بِذَلِكَ ، فَفِعْلُ ذَلِكَ بِهَؤُلَاءِ قَتْلٌ مِنْهُ لَهُمْ بِهِ ، لَا لِأَنَّهُ حَدٌّ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ إِرَادَةً مِنْهُ بِهِ قَتْلَهُمْ ، لَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ حَدٍّ عَلَيْهِمْ فِيمَا دُونَ أَنْفُسِهِمْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِي أَعْضَائِهِمْ ، ثُمَّ مَنَعَ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِنَهْيِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ .
1820 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنَا ، فَيَأْمُرُنَا [5/70] بِالصَّدَقَةِ ، وَيَنْهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ .
1821 - وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ ، قَالَ : قَلَّ مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَةً إِلَّا أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ ، وَنَهَانَا فِيهَا عَنِ الْمُثْلَةِ .
1822 - وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ ، قَالَ :
قَالَ سَمُرَةُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّ مَا قَامَ فِينَا يَخْطُبُ إِلَّا أَمَرَنَا بِالصَّدَقَةِ ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُثْلَةِ .
[5/71] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ ذَلِكَ نَسْخًا لِلْمُثْلَةِ ، وَعَادَ الْقَتْلُ الْوَاجِبُ بِمِثْلِ مَا كَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْقَوْمِ مُبَاحًا اسْتِعْمَالُهُ بِالْآيَةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِيهِمْ مَنْسُوخًا مِنْهُ الْمُثْلَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ كَانَتْ فِي ذَلِكَ .
وَقَدْ رَوَى بَعْضُ النَّاسِ حَدِيثًا فِيهِ مِنْ كَلَامِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ حَرْفٌ زَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي قَدْ رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ .
1823 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ - ثِقَةٌ مَأْمُونٌ - قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرِّعَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ [5/72] فِيهِ عَنْهُ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا مُنْكَرٌ ؛ لِأَنَّ فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَتُنَا لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ أَحَدَ رَاعِيَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانَ فِي تِلْكَ الْإِبِلِ لَمَّا جَاءَهُ ، قَالَ : قَدْ قَتَلُوا صَاحِبِي ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ كَانَ مَسْمُولَ الْعَيْنِ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا يُقَامُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي كَانَ مِنْ أُولَئِكَ الْقَوْمِ ، أَنَّهُ حَدٌّ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمُحَارَبَةِ الَّتِي كَانَتْ لَا حَقَّ لِلَّذِينَ حُورِبُوا بِهَا ، وَأَنَّ الَّذِينَ حُورِبُوا بِهَا لَوْ عَفَا أَوْلِيَاؤُهُمْ عَمَّا كَانَ أُتِيَ إِلَى أَصْحَابِهِمْ أَنَّ عَفْوَهُمْ بَاطِلٌ . وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ فِي أُولَئِكَ الْقَوْمِ مَا قَدْ فَعَلَ قِصَاصًا بِمَا فَعَلُوا ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ فَعَلَهُ بِهِمْ لِمَا أَوْجَبَتْهُ عَلَيْهِمُ الْمُحَارَبَةُ لَا لِمَا سِوَاهُ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلِمْنَاهُ فِي الْمُحَارِبِينَ : لَوْ قَطَعُوا الْآذَانَ وَالْأَيْدِيَ وَالْأَرْجُلَ حَتَّى لَمْ يُبْقُوا لِمَنْ حَارَبَ أُذُنًا وَلَا يَدًا وَلَا رِجْلًا أَنَّهُ لَا يُفْعَلُ بِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ يُقْتَصَرُ بِهِمْ عَلَى مَا فِي الْآيَةِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ فِي الْمُحَارَبَةِ الَّتِي قَدْ تَقَدَّمَتْ تِلَاوَتُنَا لَهَا فِي هَذَا الْبَابِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى فَسَادِ هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَا ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .