[1/148] قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ .
2 - اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ .
قَالُوا : رَوَيْتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَرَوَيْتُمْ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ خَالِدٍ الْحِذَّاءِ ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ : " ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ قَوْمًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَلَائِهِ فَاسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ " قَالُوا : وَهَذَا خِلَافُ ذَاكَ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّسْخُ ، لِأَنَّهُ مِنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، فَكَيْفَ لَمْ يَذْهَبُوا إِلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا نَاسِخٌ وَالْآخَرَ مَنْسُوخٌ ؟ إِذْ كَانَ قَدْ ذَهَبَ عَلَيْهِمُ الْمَعْنَى فِيهِمَا ، وَلَيْسَا عِنْدَنَا مِنَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، وَلَكِنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعٌ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ ، فَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ فِيهِ بِالْغَائِطِ وَالْبَوْلِ هِيَ الصَّحَارَى وَالْبَرَاحَاتُ .
[1/149] وَكَانُوا إِذَا نَزَلُوا فِي أَسْفَارِهِمْ لِهَيْئَةِ الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ بَعْضُهُمُ الْقِبْلَةَ بِالصَّلَاةِ ، وَاسْتَقْبَلَهَا بَعْضُهُمْ بِالْغَائِطِ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ إِكْرَامًا لِلْقِبْلَةِ وَتَنْزِيهًا لِلصَّلَاةِ ، فَظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ هَذَا أَيْضًا يُكْرَهُ فِي الْبُيُوتِ وَالْكُنُفِ الْمُحْتَفَرَةِ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَلَائِهِ فَاسْتُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَةُ ، يُرِيدُ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَالْآبَارِ الْمُحْتَفَرَةِ ، الَّتِي تَسْتُرُ الْحَدَثَ ، وَفِي الْخَلَوَاتِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ .