[1/432] وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ
((ح 153))
أَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطُّوسِيُّ ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، أنا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ زُبَيْدٍ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : شَغَلَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى اصْفَرَّتِ [1/433] الشَّمْسُ ، أَوِ احْمَرَّتْ ، فَقَالَ : ( شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى ، مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا - أَوْ قَالَ - حَشَا اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَأَجْوَافَهُمْ نَارًا ) .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنْ عَوْنِ بْنِ سَلَّامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ .
((ح 154))
أنا أَبُو مُوسَى الْحَافِظُ ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، أنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ ، أنا الْحَارِثُ بْنُ أَسَدٍ ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْكُوفِيُّ ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : شُغِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ، فَلَمَّا فَرَغَ صَلَّاها الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلَاةُ الْخَوْفِ .
[1/434] ((ح 155))
أَنَا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُنَابِذِيُّ ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ الْحَرَشِيُّ ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، أَنَا الرَّبِيعُ ، [1/435] أَنَا الشَّافِعِيُّ ، أَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ ، أَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حُبِسْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنِ الصَّلَاةِ ، حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بَهَوِيٍّ مِنَ اللَّيْلِ ، حَتَّى كُفِينَا ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا .
فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ، ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ، ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا ، قَالَ : وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ : فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا
.
قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
فَبَيَّنَ أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ – عليه السلام - الْآيَةَ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ ؛ قَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - : وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ الْآيَةَ . وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ الْآيَةَ .
[1/436] وَلَمَّا حَكَى أَبُو سَعِيدٍ أَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْخَنْدَقِ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ صَلَاةُ الْخَوْفِ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ الْخَوْفِ إِلَّا بَعْدَهَا ؛ إِذْ حَضَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ ، وَحَكَى تَأْخِيرَ الصَّلَاة حتى خَرَجَ مِنْ وَقْتِ غايتها ، وَحَكَى أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَا تُؤَخَّرُ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِحَالٍ أَبَدًا عَنِ الْوَقْتِ إِنْ كَانَتْ فِي حَضَرٍ ، أَوْ عَنْ وَقْتِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ لِخَوْفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ تُصَلَّى كَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَالَّذِي أَخَذْنَا بِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ :
((ح 156)) :
أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَنَا : عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ ، عَن مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْخَوْفِ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ : أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ ، وَطَائِفَةً صَفَّتْ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالَّذِين مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا ، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ .
[1/437] ((ح 157))
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ يَذْكُرُه [1/438] عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ ، عَنْ أَبِيهِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى غَيْرِ مَا حَكَى مَالِكٌ ، وَإِنَّمَا أَخَذْنَا بِهَذَا دُونَهُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَشْبَهُ بِالْقُرْآنِ وَأَقْوَى فِي مُكَايَدَةِ الْعَدُوِّ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا :
[1/439] فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ ، مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَنَّ سُنَّةً فَأَحْدَثَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي تِلْكَ السُّنَّةِ نَسْخَهَا أَوْ مَخْرَجًا إِلَى سَعَةٍ مِنْهَا ، فَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ ، حَتَّى يَكُونُوا إِنَّمَا صَارُوا مِنْ سُنَّة إِلَى سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا .
وَقَالَ أَيْضًا : ينْسَخَ اللَّهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فِي الْخَوْفِ إِلَى أَنْ يُصَلُّوهَا كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتِهَا ، وَنَسَخَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّتَهُ فِي تَأْخِيرِهَا بِفَرْضِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ سنته ، فَصَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَقْتِهَا كَمَا وَصَفْتُ .