[1/288] 4 - حُكْمٌ فِي الْغُسْلِ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُخْتَلِفٌ
قَالُوا : رُوِّيتُمْ عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلِيمٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ ، ثُمَّ رُوِّيتُمْ عَنْ هَمَّامٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سَمُرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ . قَالُوا : وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَوَّلِ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ فَرْضٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَوْجَبَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَجِبُ غُسْلُ الْعِيدَيْنِ عَلَى الْفَضِيلَةِ وَالِاخْتِيَارِ لِيَشْهَدُوا الْمَجْمَعَ بِأَبْدَانٍ نَقِيَّةٍ مِنَ الدَّرَنِ سَلِيمَةً مِنَ التَّفْلِ ، وَقَدْ أَمَرَ مَعَ ذَلِكَ بِالتَّطَيُّبِ وَتَنْظِيفِ الثَّوْبِ ، وَأَنْ يَلْبَسْ ثَوْبَيْنِ لَجُمْعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ.
[1/289] وَهَذَا كُلُّهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ ، وَإِيجَابٌ عَلَى الْفَضِيلَةِ لَا عَلَى جِهَةِ الْفَرْضِ ، ثُمَّ عَلِمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي النَّاسِ الْعَلِيلُ وَالْمَشْغُولُ ، وَيَكُونُ فِي الْبَلَدِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْغُسْلُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ ، فَقَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ ، أَيْ : فَجَائِزٌ ، ثُمَّ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْغُسْلَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ .
كَمَا نَهَى عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ ، ثُمَّ قَالَ : بَدَا لِي أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ وَيُخَبِّئُونَ لِغَائِبِهِمْ ، فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ .
وَنَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، ثُمَّ قَالَ : بَدَا لِي أَنَّ ذَلِكَ يُرِقُّ الْقُلُوبَ فَزُورُوهَا وَلَا تَقُولُوا هُجْرًا .