[15/127] 952 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصِّيَامِ الَّذِي كَانَ أَمَرَ بِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو ، وَمَا جَعَلَهُ فِي صَوْمِ يَوْمٍ مِنْهُ فِي عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، وَفِي صَوْمِ يَوْمَيْنِ مِنْهُ تِسْعَةَ أَيَّامٍ ، وَفِي صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ .
5890 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ أَخِيهِ مُطَرِّفٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، مُرْنِي بِصِيَامٍ قَالَ : صُمْ يَوْمًا وَلَكَ تِسْعَةٌ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً ، فَزِدْنِي قَالَ : صُمْ يَوْمَيْنِ وَلَكَ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً ، قَالَ : صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ سَبْعَةُ أَيَّامٍ ، فَمَا زَالَ يَحُطُّ بِهِ إِلَى أَنْ قَالَ : إِنَّ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمُ دَاوُدَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ : صَوْمُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ .
فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : فَمَا أَصْعَبَهُ ، لَيْتَنِي كُنْتُ قَبِلْتُ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
.
[15/128] 5891 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : صُمْ يَوْمًا وَلَكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ قَالَ : زِدْنِي ، قَالَ : صُمْ يَوْمَيْنِ وَلَكَ تِسْعَةُ أَيَّامٍ ، قَالَ : زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً ، قَالَ : صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ . قَالَ ثَابِتٌ : فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ مُطَرِّفًا ، فَقَالَ : مَا أَرَاهُ إِلَّا زَادَ فِي الْعَمَلِ ، وَتَنَقَّصَ مِنَ الْأَجْرِ .
[15/129] 5892 - وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو فِي صَوْمِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ بِمَعْنَى ثَوَابِ صِيَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ جَعَلَهُ بِالْيَوْمِ الَّذِي زَادَهُ إِيَّاهُ تِسْعَةَ أَيَّامٍ بِمَعْنَى ثَوَابِ صِيَامِ تِسْعَةِ أَيَّامٍ ، وَبِالْيَوْمِ الَّذِي زَادَهُ إِيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ بِمَعْنَى ثَوَابِ صِيَامِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا هَكَذَا ، وَمَنْ كَثُرَ عَمَلُهُ أَوْلَى بِالثَّوَابِ مِمَّنْ قَلَّ عَمَلُهُ ; لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ صَائِمُهُ ثَوَابَهُ ، فَكَيْفَ يَكُونُ ثَوَابُهُ فِي صَوْمِ يَوْمَيْنِ دُونَ ثَوَابِهِ فِي صَوْمِ يَوْمٍ ، وَيَكُونُ ثَوَابُهُ فِي صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ دُونَ ثَوَابِهِ فِي صِيَامِ يَوْمَيْنِ ؟
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو بِصِيَامِهِ لِمَا يَكُونُ فِي صِيَامِهِ مِنَ الْجَزَاءِ ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَمْثَالِهَا ، وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْقُوَّةُ عَلَى الصَّلَاةِ ، وَعَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَعَلَى [15/130] مَا سِوَاهُمَا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللهِ تَعَالَى مِمَّا بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصِّيَامِ ، كَمِثْلِ مَا رَوَيْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَصُومُ ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنِّي إِذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنِ الْقُرْآنِ هَكَذَا فِي حَدِيثِ غَيْرِهِمْ عَنْهُ ضَعُفْتُ عَنِ الصَّلَاةِ وَالْقُرْآنِ ، وَالصَّلَاةُ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو بِالصِّيَامِ الَّذِي بِهِ مَعَهَا قُوَّتُهُ الَّتِي يَتَّصِلُ بِهَا إِلَى هَذِهِ الْأَعْمَالِ ، وَيَقْوَى بِهَا عَلَيْهَا ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ : زِدْنِي . زَادَهُ يَوْمًا يَكُونُ ذَلِكَ الْيَوْمُ مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ صِيَامَ يَوْمَيْنِ ، وَيَكُونُ بِذَلِكَ مِنَ الضَّعْفِ أَكْثَرَ مِمَّا يَكُونُ عَلَيْهِ بِصِيَامِ الْوَاحِدِ ، فَيُنْقِصُ بِذَلِكَ حَقَّهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصِّيَامِ ، فَرَدَّ ثَوَابَهُ عَلَى الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ يَصُومُهُمَا مَعَ تَقْصِيرِهِ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِلَى دُونِ ثَوَابِهِ فِي صِيَامِهِ الْيَوْمَ الَّذِي مَعَهُ فِي صِيَامِهِ إِيَّاهُ إِدْرَاكُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا رَدُّهُ فِي صِيَامِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إِلَى مَا رَدَّهُ إِلَيْهِ مِنَ الثَّوَابِ فِي صِيَامِهَا مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى صِيَامِ الْيَوْمَيْنِ لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جَوَابِ مُطَرِّفٍ لِثَابِتٍ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ لِذَلِكَ الْمَعْنَى .