9 - بَاب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ
142 - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ . تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَقَالَ غُنْدَرٌ : عَنْ شُعْبَةَ : إِذَا أَتَى الْخَلَاءَ . وَقَالَ مُوسَى ، عَنْ حَمَّادٍ : إِذَا دَخَلَ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ .


قَوْلُهُ : ( بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ ) أَيْ : عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فِي الْخَلَاءِ إِنْ كَانَ مُعَدًّا لِذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ .
( تَنْبِيهٌ ) : أَشْكَلَ إِدْخَالُ هَذَا الْبَابِ وَالْأَبْوَابِ الَّتِي بَعْدَهُ إِلَى بَابِ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً ; لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي أَبْوَابِ الْوُضُوءِ فَذَكَرَ مِنْهَا فَرْضَهُ وَشَرْطَهُ وَفَضِيلَتَهُ وَجَوَازَ تَخْفِيفِهِ وَاسْتِحْبَابَ إِسْبَاغِهِ ، ثُمَّ غَسْلَ الْوَجْهِ ، ثُمَّ التَّسْمِيَةَ ، وَلَا أَثَرَ لِتَأْخِيرِهَا عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا مُقَارَنَةُ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ ، فَتَقْدِيمُهَا فِي الذِّكْرِ عَنْهُ وَتَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهَا الْقَوْلَ عِنْدَ الْخَلَاءِ ، وَاسْتَمَرَّ فِي ذِكْرِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْتِنْجَاءِ ، ثُمَّ رَجَعَ فَذَكَرَ الْوُضُوءَ مَرَّةً مَرَّةً ، وَقَدْ خَفِيَ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ عَلَى الْكِرْمَانِيِّ فَاسْتَرْوَحَ قَائِلًا : مَا وَجْهُ التَّرْتِيبِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَعَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ إِنَّمَا هِيَ قَبْلَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا بَعْدَهُ ، ثُمَّ تَوْسِيطِ أَبْوَابِ الْخَلَاءِ بَيْنَ أَبْوَابِ الْوُضُوءِ ؟ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ : قُلْتُ : الْبُخَارِيُّ لَا يُرَاعِي حُسْنَ التَّرْتِيبِ ، وَجُمْلَةُ قَصْدِهِ إِنَّمَا هُوَ فِي نَقْلِ الْحَدِيثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِصَحِيحِهِ لَا غَيْرُ ، انْتَهَى .
وَقَدْ أَبْطَلَ هَذَا الْجَوَابَ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ فَقَالَ لَمَّا نَاقَشَ الْبُخَارِيَّ فِي أَشْيَاءَ ذَكَرَهَا مِنْ تَفْسِيرِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ بِمَا مَعْنَاهُ : لَوْ تَرَكَ الْبُخَارِيُّ هَذَا لَكَانَ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَوْضُوعِ كِتَابِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ ، إِذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ [1/293] تَوْجِيُهُ مَا يَقُولُهُ الْبُخَارِيُّ ، مَعَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ فِي جَمِيعِ مَا يُورِدُهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْغَرِيبِ إِنَّمَا يَنْقُلُهُ عَنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْفَنِّ كَأَبِي عُبَيْدَةَ ، وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ ، وَالْفَرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَمَّا الْمَبَاحِثُ الْفِقْهِيَّةُ فَغَالِبُهَا مُسْتَمَدَّةٌ لَهُ مِنَ الشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَمْثَالِهِمَا ، وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الْكَلَامِيَّةُ فَأَكْثَرُهَا مِنَ الْكَرَابِيسِيِّ ، وَابْنِ كِلَابٍ وَنَحْوِهِمَا .
وَالْعَجَبُ مِنْ دَعْوَى الْكِرْمَانِيِّ أَنَّهُ لَا يَقْصِدُ تَحْسِينَ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْأَبْوَابِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ عَلَى الْأَبْوَابِ مَنِ اعْتَنَى بِذَلِكَ غَيْرَهُ ، حَتَّى قَالَ جَمْعٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ : فِقْهُ الْبُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِهِ . وَقَدْ أَبْدَيْتُ فِي هَذَا الشَّرْحِ مِنْ مَحَاسِنِهِ وَتَدْقِيقِهِ فِي ذَلِكَ مَا لَا خَفَاءَ بِهِ ، وَقَدْ أَمْعَنْتُ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَوَجَدْتُهُ فِي بَادِئِ الرَّأْيِ يَظُنُّ النَّاظِرُ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَنِ بِتَرْتِيبِهِ كَمَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ ; لَكِنَّهُ اعْتَنَى بِتَرْتِيبِ كِتَابِ الصَّلَاةِ اعْتِنَاءً تَامًّا كَمَا سَأَذْكُرُهُ هُنَاكَ ، وَقَدْ يُتَلَمَّحُ أَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا فَرْضَ الْوُضُوءِ كَمَا ذَكَرْتُ ، وَأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ ، ثَمَّ فَضْلَهُ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا مَعَ التَّيَقُّنِ ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ فِيهِ عَلَى إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَى الْعُضْوِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْإِسْبَاغِ فَضْلٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ فِي غَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَأَنَّ التَّسْمِيَةَ مَعَ أَوَّلِهِ مَشْرُوعَةٌ كَمَا يُشْرَعُ الذِّكْرُ عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ ، فَاسْتَطْرَدَ مِنْ هُنَا لِآدَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وَشَرَائِطِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ لِبَيَانِ أَنَّ وَاجِبَ الْوُضُوءِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَأَنَّ الثِّنْتَيْنِ وَالثَّلَاثِ سُنَّةٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ سُنَّةَ الِاسْتِنْثَارِ إِشَارَةً إِلَى الِابْتِدَاءِ بِتَنْظِيفِ الْبَوَاطِنِ قَبْلَ الظَّوَاهِرِ ، وَوَرَدَ الْأَمْرُ بِالِاسْتِجْمَارِ وِتْرًا فِي حَدِيثِ الِاسْتِنْثَارِ فَتَرْجَمَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّنَظُّفِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حُكْمِ التَّخْفِيفِ فَتَرْجَمَ بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ لَا بِمَسْحِ الْخُفَّيْنِ ؛ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ التَّخْفِيفَ لَا يَكْفِي فِيهِ الْمَسْحُ دُونَ مُسَمَّى الْغَسْلِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَضْمَضَةِ لِأَنَّهَا أُخْتُ الِاسْتِنْشَاقِ ، ثُمَّ اسْتَدْرَكَ بِغَسْلِ الْعَقِبَيْنِ ؛ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي مُسَمَّى الْقَدَمِ ، وَذَكَرَ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ؛ رَدًّا عَلَى مَنْ قَصَّرَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فَاقْتَصَرَ عَلَى النَّعْلَيْنِ عَلَى مَا سَأُبَيِّنُهُ .
ثُمَّ ذَكَرَ فَضْلَ الِابْتِدَاءِ بِالْيَمِينِ ، وَمَتَى يَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ ، ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الْمَاءِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ وَمَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ . ثُمَّ ذَكَرَ الِاسْتِعَانَةَ فِي الْوُضُوءِ ، ثُمَّ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى مَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ إِذَا ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ اسْتَطْرَدَ مِنْهُ إِلَى مَا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ لِمَنْ يُمْعِنُ التَّأَمُّلَ ، إِلَى أَنْ أَكْمَلَ كِتَابَ الْوُضُوءِ عَلَى ذَلِكَ . وَسَلَكَ فِي تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ أَسْهَلَ مِنْ هَذَا الْمَسْلَكِ ، فَأَوْرَدَ أَبْوَابَهَا ظَاهِرَةَ التَّنَاسُبِ فِي التَّرْتِيبِ ، فَكَأَنَّهُ تَفَنَّنَ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( الْخُبُثِ ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَذَا فِي الرِّوَايَةِ ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ إِسْكَانُ الْمُوَحَّدَةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِمَّا جَاءَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَكُتُبٍ وَكُتْبٍ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَقَدْ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِأَنَّ الْبَاءَ هُنَا سَاكِنَةٌ مِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّ تَرْكَ التَّخْفِيفِ أَوْلَى لِئَلَّا يَشْتَبِهَ بِالْمَصْدَرِ ، وَالْخُبْثُ جَمْعُ خَبِيثٍ ، وَالْخَبَائِثُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ ، يُرِيدُ ذُكْرَانَ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثَهُمْ ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا ، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِي الْبُخَارِيَّ - وَيُقَالُ الْخُبْثُ أَيْ بِإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ مُخَفَّفَةً عَنِ الْمُحَرَّكَةِ فَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُفْرَدِ فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الْمَكْرُوهُ ، قَالَ : فَإِنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ فَهُوَ الشَّتْمُ ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ فَهُوَ الْكُفْرُ ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَامِ فَهُوَ الْحَرَامُ ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الشَّرَابِ فَهُوَ الضَّارُّ ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْخَبَائِثِ الْمَعَاصِي أَوْ مُطْلَقُ الْأَفْعَالِ الْمَذْمُومَةِ لِيَحْصُلَ التَّنَاسُبُ ; وَلِهَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبِيثِ ، أَوِ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ ؛ هَكَذَا عَلَى الشَّكِّ ، الْأَوَّلُ بِالْإِسْكَانِ مَعَ الْإِفْرَادِ ، وَالثَّانِي بِالتَّحْرِيكِ مَعَ الْجَمْعِ ، أَيْ : مِنَ الشَّيْءِ الْمَكْرُوهِ [1/294] وَمِنَ الشَّيْءِ الْمَذْمُومِ ، أَوْ مِنْ ذُكْرَانِ الشَّيَاطِينِ وَإِنَاثِهِمْ . وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَعِيذُ إِظْهَارًا لِلْعُبُودِيَّةِ ، وَيَجْهَرُ بِهَا لِلتَّعْلِيمِ . وَقَدْ رَوَى الْعُمَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُخْتَارِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ بِلَفْظِ الْأَمْرِ قَالَ : إِذَا دَخَلْتُمُ الْخَلَاءَ فَقُولُوا : بِاسْمِ اللَّهِ ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ . وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَفِيهِ زِيَادَةُ التَّسْمِيَةِ وَلَمْ أَرَهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ .
قَوْلُهُ : ( تَابَعَهُ ابْنُ عَرْعَرَةَ ) اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ، وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الدَّعَوَاتِ .
قَوْلُهُ : ( وَقَالَ غُنْدَرٌ ) هَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارِ بُنْدَارٍ ، عَنْ غُنْدَرٍ بِلَفْظِهِ ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، عَنْ غُنْدَرٍ بِلَفْظِ إِذَا دَخَلَ .
قَوْلُهُ : ( وَقَالَ مُوسَى ) هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ حَمَّادٍ ) هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ يَعْنِي عن عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ صُهَيْبٍ ، وَطَرِيقُ مُوسَى هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ بِاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ .
قَوْلُهُ : ( وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ) هُوَ أَخُو حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَنَسٌ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ قَالَ . . فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَابِ ، وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَبْيِينَ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ : " إِذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ " أَيْ : كَانَ يَقُولُ هَذَا الذِّكْرَ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ لَا بَعْدَهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَهَذَا فِي الْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ بِقَرِينَةِ الدُّخُولِ ، وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : رِوَايَةُ " إِذَا أَتَى " أَعَمُّ لِشُمُولِهَا ، انْتَهَى . وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَقَامَيْنِ : أَحَدُهُمَا : هَلْ يَخْتَصُّ هَذَا الذِّكْرُ بِالْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ لِكَوْنِهَا تَحْضُرُهَا الشَّيَاطِينُ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فِي السُّنَنِ ، أَوْ يَشْمَلُ حَتَّى لَوْ بَالَ فِي إِنَاءٍ مَثَلًا فِي جَانِبِ الْبَيْتِ ؟ الْأَصَحُّ الثَّانِي مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي قَضَاءِ الْحَاجَةِ . الْمَقَامُ الثَّانِي : مَتَى يَقُولُ ذَلِكَ ؟ فَمَنْ يَكْرَهُ ذِكْرَ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُفَصِّلُ : أَمَّا فِي الْأَمْكِنَةِ الْمُعَدَّةِ لِذَلِكَ فَيَقُولُهُ قُبَيْلَ دُخُولِهَا ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَقُولُهُ فِي أَوَّلِ الشُّرُوعِ كَتَشْمِيرِ ثِيَابِهِ مَثَلًا وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالُوا فِيمَنْ نَسِيَ : يَسْتَعِيذُ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ . وَمَنْ يُجِيزُ مُطْلَقًا كَمَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْصِيلٍ .
( تَنْبِيهٌ ) : سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ الَّذِي أَتَى بِالرِّوَايَةِ الْمُبَيِّنَةِ صَدُوقٌ تَكَلَّمَ بَعْضُهُمْ فِي حِفْظِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُعَلَّقِ ، لَكِنْ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ ، فَقَدْ رَوَاهُ مُسَدَّدٌ ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلَهُ ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ .