133 - بَاب هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى
1743 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . " ح .
1744 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ . . . " ح .
1745 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " أَنَّ الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ ، فَأَذِنَ لَهُ " . تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ وَأَبُو ضَمْرَةَ .


[3/676] قَوْلُهُ : ( بَابُ هَلْ يَبِيتُ أَصْحَابُ السِّقَايَةِ أَوْ غَيْرُهُمْ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى ) مَقْصُودُهُ بِالْغَيْرِ مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ شُغْلٍ كَالْحَطَّابِينَ وَالرِّعَاءِ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .
قَوْلُهُ : ( رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ ، وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورِ فِي الْإِسْنَادِ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ " .
قَوْلُهُ فِي طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ ) كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَأَحَالَ بِهِ عَلَى مَا بَعْدَهُ ، وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ فِي الْإِسْنَادِ : " أَذِنَ لِلْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ السِّقَايَةِ " .
قَوْلُهُ : ( تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ ) أَيْ : تَابَعَ ابْنَ نُمَيْرٍ ، وَصَلَهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ ، وَأَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَلَفْظُهُ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ .
قَوْلُهُ : ( وَعَقَبَةُ بْنُ خَالِدٍ ) وَصَلَهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ .
قَوْلُهُ : ( وَأَبُو ضَمْرَةَ ) يَعْنِي : أَنَسَ بْنَ عِيَاضٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي : " بَابِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ " فِي أَثْنَاءِ أَبْوَابِ الطَّوَافِ ، وَلَفْظُهُ مِثْلُ رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ ، وَالنُّكْتَةُ فِي اسْتِظْهَارِ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَاتِ بَعْدَ إِيرَادِهِ لَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ لِشَكٍّ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ فِي وَصْلِهِ ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ ، عَنْ يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ : وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ عُمَرَ . قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ : وَقَدْ وَصَلَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ شَكٍّ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَغَيْرُهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَأَرْسَلَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ . قُلْتُ : الظَّاهِرُ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ كَانَ رُبَّمَا شَكَّ فِي وَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، وَكَأَنَّهُ كَانَ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ يَجْزِمُ بِوَصْلِهِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ ، وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَأَنَّهُ مِنْ مَنَاسِكِ [3/677] الْحَجِّ ؛ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالرُّخْصَةِ يَقْتَضِي أَنَّ مُقَابِلَهَا عَزِيمَةٌ وَأَنَّ الْإِذْنَ وَقَعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَإِذَا لَمْ تُوجَدْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا لَمْ يَحْصُلِ الْإِذْنُ ، وَبِالْوُجُوبِ قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ سُنَّةُ ، وَوُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَلَا يَحْصُلُ الْمَبِيتُ إِلَّا بِمُعْظَمِ اللَّيْلِ ، وَهَلْ يَخْتَصُّ الْإِذْنُ بِالسِّقَايَةِ وَبِالْعَبَّاسِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ ؟ فَقِيلَ : يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْعَبَّاسِ وَهُوَ جُمُودٌ ، وَقِيلَ يَدْخُلُ مَعَهُ آلُهُ ، وَقِيلَ : قَوْمُهُ ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَقِيلَ : كُلُّ مَنِ احْتَاجَ إِلَى السِّقَايَةِ فَلَهُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قِيلَ أَيْضًا : يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِسِقَايَةِ الْعَبَّاسِ حَتَّى لَوْ عُمِلَتْ سِقَايَةٌ لِغَيْرِهِ لَمْ يُرَخَّصْ لِصَاحِبِهَا فِي الْمَبِيتِ لِأَجْلِهَا ، وَمِنْهُمْ مِنْ عَمَّمَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ إِعْدَادُ الْمَاءِ لِلشَّارِبِينَ ، وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْمَاءِ أَوْ يَلْتَحِقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ ؟ مَحَلُّ احْتِمَالٍ . وَجَزَمَ الشَّافِعِيَّةُ بِإِلْحَاقِ مَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ أَوْ أَمْرٌ يَخَافُ فَوْتَهُ أَوْ مَرِيضٌ يَتَعَاهَدُهُ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ ، كَمَا جَزَمَ الْجُمْهُورُ بِإِلْحَاقِ الرِّعَاءِ خَاصَّةً ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، أَعْنِي الِاخْتِصَاصَ بِأَهْلِ السِّقَايَةِ وَالرِّعَاءِ لِإِبِلٍ ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ أَحْمَدَ اخْتِصَاصُ الْعَبَّاسِ بِذَلِكَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي ، وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : يَجِبُ الدَّمُ فِي الْمَذْكُورَاتِ سِوَى الرِّعَاءِ ، قَالُوا : وَمَنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمٌ عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : عَنْ كُلِّ لَيْلَةٍ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ ، وَقِيلَ عَنْهُ : التَّصَدُّقُ بِدِرْهَمٍ ، وَعَنِ الثَّلَاثِ دَمٌ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ فِي الْبَابِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْبَابِ . وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا اسْتِئْذَانُ الْأُمَرَاءِ وَالْكُبَرَاءِ فِيمَا يَطْرَأُ مِنَ الْمَصَالِحِ وَالْأَحْكَامِ وَبِدَارِ مَنِ اسْتُؤْمِرَ إِلَى الْإذْنِ عِنْدَ ظُهُورِ الْمَصْلَحَةِ . وَالْمُرَادُ بِأَيَّامِ مِنًى لَيْلَةُ الْحَادِيَ عَشَرَ وَاللَّتَيْنِ بَعْدَهُ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ رَوْحٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عِنْدَ أَحْمَدَ أَنَّ مَبِيتَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ بِمِنًى ، وَكَأَنَّهُ عَنَى لَيْلَةَ الْحَادِيَ عَشَرَ لِأَنَّهَا تَعْقُبُ يَوْمَ الْإِفَاضَةِ ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ يُفِيضُونَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ فِي الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ الْحَادِي عَشَرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .