[3/397] 214 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي الْمُفَصَّلِ مِنَ الْقُرْآنِ ؛ مَا هُوَ ؟
1370 - حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ يَعْنِي : سُحَيْمًا قَالَ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَبِيبٍ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ : أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُفَصَّلَ بِمَكَّةَ ، فَكُنَّا حِجَجًا نَقْرَؤُهُ لَا يَنْزِلُ غَيْرُهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْحُجُرَاتِ لَيْسَتْ مِنْهُ ، وَأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ ؛ لِأَنَّ فِيهَا نَهْيَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ النَّاسَ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ظَنَّ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الْأَنْصَارِيُّ فِيهِ بِنَفْسِهِ مَا ظَنَّ حَتَّى جَلَسَ فِي بَيْتِهِ ، فَأَعْلَمَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا كَانَ سَبَبُ رُجُوعِهِ إِلَى مَجْلِسِهِ . وَلِأَنَّ فِيهَا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ .
وَإِنَّمَا [3/398] كَانَ سَبَبُ نُزُولِ ذَلِكَ عَلَيْهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ مَشُورَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِتَوْلِيَةِ مَنْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِتَوْلِيَتِهِ مِنَ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَمِنَ الْقَعْقَاعِ وَمِنْ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ فِيهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا .
وَلِأَنَّ فِيهَا : إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ، الْآيَةَ . فَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ ذَلِكَ فِي الَّذِي بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُصَدِّقًا إِلَى قَوْمٍ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ لِيُكْرِمُوهُ . فَلَمَّا رَآهُمْ مُقْبِلِينَ نَحْوَهُ أَدْبَرَ هَارِبًا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ عَنْهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَجَاؤُوا مِنْ بَعْدُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرُوهُ بِحَقِيقَةِ أَمْرِهِمْ ، وَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَهُمْ عَلَيْهِ .
وَرَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يُوَلِّ أَحَدًا وَلَمْ يَبْعَثْ مُصَدِّقًا وَهُوَ بِمَكَّةَ ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ .
وَلِأَنَّ فِيهَا : وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ، الْآيَةَ . وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِسَبَبٍ كَانَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى تَحَارَبُوا مِنْ أَجْلِهِ [3/399] بِمَا تَحَارَبُوا بِهِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ فِي ذَلِكَ ، وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ .
وَإِذَا انْتَفَى أَنْ تَكُونَ الْحُجُرَاتُ مِنَ الْمُفَصَّلِ لِمَا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَلِأَنَّ الْحُجُرَاتِ لَمْ تَكُنْ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ كَانَ أَوَّلُهُ ( قاف ) .
ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .
1371 - فَوَجَدْنَا فَهْدًا قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَفْدِ الَّذِينَ وَفَدُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَنِي مَالِكٍ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُمْ بَنُو مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفَ ، فَأَنْزَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ لَهُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَبَيْنَ أَهْلِهِ ، وَكَانَ يَخْتَلِفُ إِلَيْهِمْ فَيُحَدِّثُهُمْ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُهُمْ تَشَكِّيهِ قُرَيْشًا ثُمَّ يَقُولُ : لَا سَوَاءَ ، كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ مُسْتَذَلِّينَ بِمَكَّةَ . فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ لَنَا وَعَلَيْنَا ، فَاحْتَبَسَ عَنَّا لَيْلَةً فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، لَبِثْتَ عَنَّا اللَّيْلَةَ أَكْثَرَ مِمَّا كُنْتَ !
قَالَ : نَعَمْ ، طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى أَقْضِيَهُ . فَقُلْنَا لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَنَا أَنَّهُ طَرَأَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَيْفَ كُنْتُمْ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ قَالُوا : نُحَزِّبُهُ ثَلَاثَ سُوَرٍ ، وَخَمْسَ سُوَرٍ ، وَسَبْعَ سُوَرٍ ، وَتِسْعَ سُوَرٍ ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ سُورَةً ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ سُورَةً ، وَحِزْبَ مَا بَيْنَ الْمُفَصَّلِ وَأَسْفَلَ
.
[3/400] 1372 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَفْدِ ثَقِيفَ فَأَنْزَلَنَا عَلَيْهِ ، وَأَنْزَلَ إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَحْلَافِ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ .
فَكَانَ يَأْتِينَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُنَا ، وَكَانَ عَامَّةُ حَدِيثِهِ تَشَكِّيَهُ قُرَيْشًا ، وَيَقُولُ : وَلَا سَوَاءَ ، كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَذَلِّينَ مُسْتَضْعَفِينَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ كَانَتِ الْحَرْبُ سِجَالًا لَنَا وَعَلَيْنَا .
فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقُلْنَا لَهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبٌ مِنَ الْقُرْآنِ ، وَكُنْتُ أُحَزِّبُهُ . قَالَ : فَلَقِيتُ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَقُلْتُ : كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَزِّبُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : كَانَ يُحَزِّبُهُ ثَلَاثًا ، وَخَمْسًا ، وَسَبْعًا وَتِسْعًا ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَسَقَطَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ : وَثَلَاثَ عَشْرَةَ .
1373 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ الْبُهْلُولِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ [3/401] الطَّائِفِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ ، عَنْ جَدِّهِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ : وَفَدْتُ فِي وَفْدِ ثَقِيفَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَنَزَلَتِ الْأَحْلَافُ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ . وَأَنْزَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي مَالِكٍ فِي قُبَّةٍ لَهُ . فَكَانَ يَنْصَرِفُ عَلَيْنَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْعِشَاءِ ، فَيُحَدِّثُنَا قَائِمًا عَلَى رِجْلَيْهِ حَتَّى يُرَاوِحَ بَيْنَ قَدَمَيْهِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ ، وَأَكْثَرُ مَا يُحَدِّثُنَا مَا كَانَ يَلْقَى مِنْ قُرَيْشٍ . ثُمَّ يَقُولُ : لَا سَوَاءَ ، كُنَّا بِمَكَّةَ مُسْتَذَلِّينَ مُسْتَضْعَفِينَ ، فَلَمَّا هَاجَرْنَا كَانَتْ سِجَالُ الْحَرْبِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ، نُدَالُ عَلَيْهِمْ وَيُدَالُونَ عَلَيْنَا .
فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ لَيْلَةٍ أَبْطَأَ عَلَيْنَا عَنِ الْوَقْتِ الَّذِي كَانَ يَأْتِي فِيهِ ، فَقُلْتُ : أَبْطَأْتَ عَلَيْنَا اللَّيْلَةَ ؟ فَقَالَ : إِنَّهُ طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبِي مِنَ الْقُرْآنِ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَجِيءَ حَتَّى أُتِمَّهُ . قَالَ أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ : فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ قَالُوا : ثَلَاثًا ، وَخَمْسًا ، وَسَبْعًا ، وَتِسْعًا ، وَإِحْدَى عَشْرَةَ ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ ، وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ .

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : أَبُو خَالِدٍ وَهُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ فَنَظَرْنَا فِيهِ فَإِذَا ثَلَاثَةُ سُوَرٍ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ : الْبَقَرَةُ ، وَآلُ عِمْرَانَ ، وَالنِّسَاءُ . وَالْخَمْسُ : الْمَائِدَةُ ، وَالْأَنْعَامُ ، وَالْأَعْرَافُ ، وَالْأَنْفَالُ ، وَبَرَاءَةُ .
وَالسَّبْعُ : يُونُسُ ، وَهُودٌ ، وَيُوسُفُ ، وَالرَّعْدُ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَالْحِجْرُ ، وَالنَّحْلُ . وَالتِّسْعُ : بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَالْكَهْفُ ، وَمَرْيَمُ ، وطه ، وَالْأَنْبِيَاءُ ، وَالْحَجُّ ، وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَالنُّورُ ، وَالْفُرْقَانُ .
[3/402] وَالْإِحْدَى عَشْرَةَ : الطَّوَاسِينُ ، وَالْعَنْكَبُوتُ ، وَالرُّومُ ، وَلُقْمَانُ ، وَالسَّجْدَةُ ، وَالْأَحْزَابُ ، وَسَبَأُ ، وَفَاطِرٌ ، ويس .
وَالثَّلَاثَ عَشْرَةَ : الصَّافَّاتُ ، وص ، وَالزُّمَرُ ، وحم ، يَعْنِي : آلَ حَمِيم ، وَسُورَةُ مُحَمَّدٍ ، وَالْفَتْحُ ، وَالْحُجُرَاتُ .
وَحِزْبُ الْمُفَصَّلِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ تَحْقِيقُ أَمْرِ الْحُجُرَاتِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْمُفَصَّلِ ، وَأَنَّ الْمُفَصَّلَ مَا بَعْدَهَا إِلَى آخِرِ الْقُرْآنِ .
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ سُقَيْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ زِرٍّ قَالَ : كَانَ أَوَّلُ مُفَصَّلِ ابْنِ مَسْعُودٍ الرَّحْمَنَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - إِنَّمَا جَاءَ لِاخْتِلَافِ تَأْلِيفِ السُّوَرِ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِينَ تَوَلَّوْا كِتَابَ الْقُرْآنِ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ ، وَهُوَ التَّأْلِيفُ الَّذِي هُوَ الْحُجَّةُ .
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ فِي تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ بَعْدَ سُورَةِ الرَّحْمَنِ قاف وَالذَّارِيَاتُ وَمَا سِوَاهُمَا مِنَ السُّوَرِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ سُورَةِ الرَّحْمَنِ ، وَتَكُونُ الْحُجُرَاتُ خَارِجَةً مِنْ ذَلِكَ رَاجِعَةً إِلَى مِثْلِ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْزِيبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ .
وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَحَادِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ حَرْفٌ يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِيهِ : فَقُلْتُ : كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَزِّبُ الْقُرْآنَ ؟ فَفِي ذَلِكَ إِضَافَةُ تَحْزِيبِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَفِي حَدِيثِ غَيْرِهِ مِمَّا رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ حُذَيْفَةَ قَالَ أَوْسٌ : فَسَأَلْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآنَ ؟ فَأَضَافَ التَّحْزِيبَ إِلَيْهِمْ لَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَاللهُ أَعْلَمُ كَيْفَ الْحَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ . وَإِيَّاهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .