[1/92] 12 - بَابُ بَيَانِ مَا أَشْكَلَ مِمَّا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
أَنَّ ابْنَ آدَمَ خُلِقَ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَفْصِلًا فَإِذَا
كَبَّرَ اللهَ تَعَالَى وَهَلَّلَهُ وَحَمِدَهُ وَاسْتَغْفَرَهُ
وَسَبَّحَهُ وَعَزَلَ الْعَظْمَ وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ عَنْ
طَرِيقِ النَّاسِ ، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ
عَدَّ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِائَةِ مَفْصِلٍ
97 - حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ – يَعْنِي : ابْنَ سَلَّامٍ - أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ فَرُّوخَ حَدَّثَهُ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ مَوْلَى أَبِي طَلْحَةَ - أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : { خُلِقَ ابْنُ آدَمَ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ وَسِتِّينَ مَفْصِلًا ، فَإِذَا كَبَّرَ اللهَ ، وَهَلَّلَهُ ، وَحَمِدَ اللهَ ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ ، وَسَبَّحَ اللهَ ، وَعَزَلَ الْعَظْمَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، وَالْحَجَرَ وَالشَّوْكَ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ، وَأَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ ، عَدَّ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِائَةٍ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَرَاهُ سَقَطَ مِنَ الْحَدِيثِ : وَسِتِّينَ مَفْصِلًا - أَمْسَى يَوْمَئِذٍ ، وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ } .
[1/93] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي جَعَلَ بِهِ الثَّوَابَ لِكُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ هَذِهِ الْمَفَاصِلِ ، وَهَلْ نَجِدُ لِذَلِكَ مَثَلًا فِيمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيمَا سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .
98 - فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : { كَتَبَ اللهُ عَلَى كُلِّ عُضْوٍ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا ، فَالْعَيْنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا النَّظَرُ ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الْكَلَامُ ، وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ ، وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ ، وَالسَّمْعُ يَزْنِي وَزِنَاهُ الِاسْتِمَاعُ ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أَوْ يُكَذِّبُهُ } .
وَإِذَا كَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْأَمْرِ الْمَذْمُومِ مَعْمُومًا بِهِ كُلُّ الْأَعْضَاءِ كَانَ الْأَمْرُ الْمَحْمُودُ أَيْضًا مَعْمُومًا بِهِ كُلُّ الْأَعْضَاءِ ، فَاتَّفَقَ بِمَا ذَكَرْنَا مَعْنَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَبَانَ بِهِ الْمُرَادُ فِيهِمَا ، وَاللهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَدِيثًا فِيهِ بَيَانُ مَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ . وَهُوَ مَا :
99 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ ، أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ : [1/94] سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : [ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ] : { فِي الْإِنْسَانِ سِتُّونَ وَثَلَاثُ مِائَةِ مَفْصِلٍ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ صَدَقَةً ، قَالُوا : وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : النُّخَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ تَدْفِنُهَا ، أَوِ الشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ } .
فَوَقَفْنَا بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ هُوَ الصَّدَقَةُ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْ تِلْكَ الْمَفَاصِلِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ ، لِمَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الثَّانِي ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .