[7/298] 451 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُسُلِ الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَا لَوْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلًا وَجَبَ بِهِ لَهُ قَتْلُهُ .
2861 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، وَحَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو وَائِلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ مُعَيْزٍ السَّعْدِيُّ قَالَ : خَرَجْتُ أُسَقِّدُ فَرَسًا لِي بِالسَّحَرِ ، فَمَرَرْتُ عَلَى مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ ، فَسَمِعْتُهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، [7/299] فَذَكَرْتُ لَهُ أَمْرَهُمْ فَبَعَثَ الشُّرَطَ ، فَأَخَذُوهُمْ فَجِيءَ بِهِمْ إِلَيْهِ ، فَتَابُوا وَرَجَعُوا عَمَّا قَالُوهُ ، وَقَالُوا : لَا نَعُودُ ، فَخَلَّى سَبِيلَهُمْ ، وَقَدَّمَ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : عَبْدُ اللهِ بْنُ النَّوَّاحَةِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، فَقَالَ النَّاسُ : أَخَذْتَ أَقْوَامًا فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ ، فَخَلَّيْتَ سَبِيلَ بَعْضِهِمْ ، وَقَتَلْتَ بَعْضَهُمْ ، فَقَالَ : كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَجَاءَهُ ابْنُ النَّوَّاحَةِ وَرَجُلٌ مَعَهُ ، يُقَالُ لَهُ : ابْنُ وَثَّالِ حَجْرَ وَافِدَيْنِ مِنْ عِنْدِ مُسَيْلِمَةَ ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَشْهَدَانِ أَنِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَا : أَتَشْهَدُ أَنْتَ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللهِ ؟ فَقَالَ : آمَنْتُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِرَسُولِهِ ، لَوْ كُنْتُ قَاتِلًا وَفْدًا لَقَتَلْتُكُمَا ، فَلِذَلِكَ قَتَلْتُ هَذَا .
2862 - وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، قَالَ : أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللهِ ، فَقَالَ : مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ [7/300] مِنَ الْعَرَبِ إِحْنَةٌ ، وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدُ اللهِ فَجِيءَ بِهِمْ ، فَاسْتَتَابَهُمْ غَيْرَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ ، فَقَالَ لَهُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ ، وَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ ، فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ قَتِيلًا بِالسُّوقِ فَلْيَنْظُرْ .
[7/301] 2863 - حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ ، يَعْنِي : ابْنَ بُكَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ طَارِقٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَهُ رُسُلُ مُسَيْلِمَةَ بِكِتَابِهِ ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُمَا : وَأَنْتُمَا تَقُولَانِ مِثْلَ مَا يَقُولُ ؟ فَقَالَا : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَا وَاللهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا .
[7/302] فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ طَلَبَ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِمَا فِيهَا مِنْ رَفْعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْوُفُودِ أَنْ لَا تُقْتَلَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا مِثْلُ الَّذِي كَانَ مِنِ ابْنِ النَّوَّاحَةِ وَصَاحِبِهِ مِمَّا يُوجِبُ قَتْلَهُمَا لَوْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ ، فَوَجَدْنَا اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ، أَيْ فَيَتَّبِعَهُ ، أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُقَامُ حَيْثُ يُقِيمُ الْمُسْلِمُونَ سِوَاهُ ، أَوْ لَا يَتَّبِعَهُ فَيُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ ، وَكَانَ فِي تَرْكِهِ اتِّبَاعَهُ بَقَاؤُهُ عَلَى كُفْرِهِ الَّذِي يُوجِبُ سَفْكَ دَمِهِ لَوْ لَمْ يَأْتِهِ طَالِبًا لِاسْتِمَاعِ كَلَامِ اللهِ ، فَحَرُمَ بِذَلِكَ سَفْكُ دَمِهِ حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ ذَلِكَ الطَّلَبِ وَيَصِيرَ إِلَى مَأْمَنِهِ فَيَحِلَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَفْكَ دَمِهِ ، فَكَانَ مِثْلُ ذَلِكَ الرُّسُلِ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ مَنْ أَرْسَلَهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابَهُ لَهُمْ فِيمَا أَرْسَلُوهُمْ فِيهِ إِلَيْهِ مِنْهُ ، وَسَمَاعُهُمْ كَلَامَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لِيَكُونَ مَنْ يَصِيرُونَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ يَقْبَلُهُ فَيَدْخُلُ فِي الْإِيمَانِ أَوْ لَا يَقْبَلُهُ فَيَبْقَى عَلَى حَرْبِيَّتِهِ ، وَعَلَى حِلِّ سَفْكِ دَمِهِ ، فَهَذَا عِنْدَنَا هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرُّسُلِ الْقَتْلَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَا يُوجِبُ قَتْلَهُمْ لَوْ لَمْ يَكُونُوا رُسُلًا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .