[15/457] 999 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوَابِهِ مَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ هَلْ لَهُ مُنْتَهًى ؟
6154 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ .
عَنْ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ لِلْإِسْلَامِ مِنْ مُنْتَهًى ؟ قَالَ : نَعَمْ . يَكُونُ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ أَوِ الْعَجَمِ إِذَا أَرَادَ اللهُ بِهِمْ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمَ الْإِسْلَامَ قَالَ : ثُمَّ مَاذَا قَالَ : ثُمَّ تَقَعُ الْفِتَنُ كَأَنَّهَا الظُّلَلُ ، فَقَالَ رَجُلٌ : كَلَّا إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَقَالَ : لَتَعُودُنَّ فِيهَا أَسَاوِدَ صُبًّا ، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ .
قَالَ الزُّهْرِيُّ : الْأَسْوَدُ الْحَيَّةُ السَّوْدَاءُ ، إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَنْهَشَ ارْتَفَعَتْ ، ثُمَّ انْصَبَّتْ .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدْفَعُ هَذَا الْمَعْنَى ، وَذَكَرَ . [15/458] 6155 - مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ جَمِيعًا ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو [15/459] الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْكَلَاعِيِّ .
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ يَعِزُّ بِهِ الْإِسْلَامُ ، وَبِذُلِّ ذَلِيلٍ يَذِلُّ بِهِ الْكُفْرُ .
قَالَ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَعْمُرَ اللهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا بِغَيْرِ انْقِطَاعٍ مِنْهُ دُونَ ذَلِكَ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عُمُومَ الْأَرْضِ كُلِّهَا ، حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ إِلَّا دَخَلَهُ إِمَّا بِالْعِزِّ [15/460] الَّذِي ذَكَرَهُ ، أَوْ بِالذُّلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَيَكُونَ الْمُنْتَهَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ هُوَ الْمُنْتَهَى بِهِ إِلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ ، وَيَدْخُلُونَ فِيهِ ، وَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِهِ ، ثُمَّ تَأْتِي الْفِتَنُ فَتَشْغَلُ مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَشْغَلَهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْتَمَسُّكِ بِالْإِسْلَامِ ، فَيَكُونُ مَا فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عَلَى عُمُومِهِ بِالْمُسَاوَاةِ .
وَمَا فِي حَدِيثِ كُرْزٍ عَلَى انْقِطَاعِهِ ، عَنْ بَعْضِ النَّاسِ بِالتَّشَاغُلِ بِالْفِتْنَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ كَانَ فِيمَنْ عَمَّتْهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَبْلُغُهَا اللَّيْلُ .
فَهَذَا أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَفِي الْتِئَامِ مَعْنَاهُمَا ، وَفِي انْتِفَاءِ التَّضَادِّ عَنْهُمَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ .