[13/392]
856 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي سَمْنٍ ، مِنْ حِلِّ الِانْتِفَاعِ بِهِ
5354 - حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ ، قَالَ : إِنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا أَوْ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ ، أَوْ فَاسْتَنْفِعُوا بِهِ .
[13/393] فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الِاسْتِصْبَاحَ أَوِ الِاسْتِنْفَاعَ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِرِوَايَتِهِ رَوَى فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثًا بَيَّنَ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا بَيَّنَهُ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ هَذَا .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ دِينَارٍ الطَّاحِيَّ قَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مَعْمَرٍ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، فَذَكَرَ .
5355 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ الطَّاحِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَأْرَةِ تَقَعُ فِي السَّمْنِ ، قَالَ : إِنْ كَانَ مَائِعًا أُهْرِيقَ ، وَإِذَا كَانَ جَامِدًا أُخِذَتْ وَمَا حَوْلَهَا وَأُكِلَ الْآخَرُ .
[13/394] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ- : أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، وَمِنْ مُحَمَّدِ بْنِ دِينَارٍ لَوْ تَفَرَّدَ بِحَدِيثٍ لَكَانَ مَقْبُولًا مِنْهُ ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَانْفَرَدَ بِزِيَادَةٍ فِي حَدِيثٍ ، كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقْبُولَةً مِنْهُ .
قَالَ : فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ ، وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، وَمَالِكٌ فَخَالَفَا مَعْمَرًا فِي إِسْنَادِهِ ، وَفِي مَتْنِهِ فَذَكَرَ .
5356 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ ، فَمَاتَتْ ، فَقَالَ : أَلْقُوهَا ، وَمَا حَوْلَهَا وَكُلُوهُ .
[13/395] 5357 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَاهُ ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِهِ .
5358 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّ مَيْمُونَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ ، فَأْرَةٌ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَمَاتَتْ ، فَقَالَ : خُذُوهَا ، وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ فَاطْرَحُوهُ .
5359 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ .
[13/396] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ -: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ مَعْمَرٌ ، وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَالِكٌ ، فَلَا نَجْعَلُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ دَافِعَةً لِلْأُخْرَى ، وَلَكِنْ نُصَحِّحُهُمَا جَمِيعًا ، وَنَعْمَلُ بِمَا فِيهِمَا .
فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَقَدْ وَجَدْنَاكُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَنْعَ مِمَّا أَطْلَقَهُ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَيْتُمُوهُ عَنْ مَعْمَرٍ مِنْ إِبَاحَتِهِ الِاسْتِصْبَاحَ بِمَا أَبَاحَ الِاسْتِصْبَاحَ بِهِ فِيهِ .
5360 - كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ .
5361 - وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ عَامَ الْفَتْحِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْأَصْنَامِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ . فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ : كَيْفَ تَرَى فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ تُدْهَنُ بِهِ السُّفُنُ وَالْجُلُودُ ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهِ النَّاسُ ؟ فَقَالَ : " هُوَ حَرَامٌ ، قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ ، لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ جَمَلُوهَا فَبَاعُوهُ ، فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ .
[13/397] قَالَ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَنْعُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الِاسْتِصْبَاحِ بِشُحُومِ الْمَيْتَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ شُحُومِ الْمَيْتَةِ ، وَبَيْنَ السَّمْنِ الَّذِي قَدْ خَالَطَتْهُ الْمَيْتَةُ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ - : أَنَّ الَّذِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ ، وَالَّذِي فِي هَذَا الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ، مُخْتَلِفَانِ ; لِأَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ فِي شُحُومِ الْمَيْتَةِ الَّتِي هِيَ فِي نَفْسِهَا حَرَامٌ ، وَشُحُومُهَا كَذَلِكَ ، وَلَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِالْحَرَامِ ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ الَّذِي فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ [13/398] إِنَّمَا هُوَ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ; لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ النَّجِسَةَ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهَا مِنَ الثِّيَابِ النَّجِسَةِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ نَجَاسَتُهَا مِنْ لِبْسِهَا وَمِنَ النَّوْمِ فِيهَا إِذَا كَانَتْ يَابِسَةً لَا يُصِيبُ الْأَبْدَانَ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالسَّمْنِ النَّجِسِ ، إِذْ كَانَ لَيْسَ بِمَيْتَةٍ فِي نَفْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي نَجَّسَهُ هُوَ الْمَيْتَةُ حَتَّى يَصِحَّ الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ رَوَيْنَاهُمَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، وَلَا يَتَضَادَّانِ .
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى فِي السَّمْنِ النَّجِسِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ الرُّعَيْنِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ ، عَنْ عَطَاءٍ -يَعْنِي ابْنَ السَّائِبِ - عَنْ مَيْسَرَةَ وَزَاذَانَ ، عَنْ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، قَالَ : إِذَا سَقَطَتِ الْفَأْرَةُ فِي السَّمْنِ وَهُوَ جَامِدٍ ، فَاطْرَحْهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ ، ثُمَّ كُلْهُ ، وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ ذَائِبًا ، فَخُذْهَا فَأَلْقِهَا ، وَاسْتَنْفِعْ بِهِ لِلسِّرَاجِ ، وَلَا تَأْكُلْهُ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ ، عَنْ مَسْرُوقٍ [13/399] ، عَنْ عَبْدِ اللهِ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ ، قَالَ : إِنْ كَانَ جَامِدًا ، أُلْقِيَ وَمَا حَوْلَهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَائِبًا ، اسْتُصْبِحَ بِهِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَأْرَةِ تَمُوتُ فِي الدُّهْنِ : أَنَّهُ كَانَ يُرَخِّصُ فِيهِ لِلْمِصْبَاحِ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي فَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي زَيْتٍ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ وَيُعْطُوهُ الدَّبَّاغَةَ .
[13/400] وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ : أَنَّ فَأْرَةً وَقَعَتْ فِي أَمْرَاقٍ لِآلِ عَبْدِ اللهِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَادَّهِنُوا بِهِ الْأَدَمَ .
وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَصْبِحُوا بِهِ ، وَيَدْهَنُوا بِهِ الْجُلُودَ - يَعْنِي فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ - .
[13/401] وَكَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ عُمَيْرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ : أَنَّهُمْ أَتَوْا سَوِيقًا ، فَوَجَدُوا فِيهِ وَزَغَةً مَيْتَةً ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى : لَا تَأْكُلُوا وَبِيعُوا ، وَلَا تَبِيعُوهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَبَيِّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مِنْهُ .
وَكَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى هَذَا إِطْلَاقُ بَيْعِهِ ، فَقَالَ قَائِلٌ : أَفَتُجِيزُونَ بَيْعَهُ ؟
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ - : أَنَّهُ لَمَّا جَازَ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ نَجَاسَتِهِ كَجَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِالثِّيَابِ مَعَ نَجَاسَتِهَا ، وَكَانَ بَيْعُ الثِّيَابِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ جَائِزًا ، كَانَ بَيْعُ السَّمْنِ الَّذِي هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ جَائِزًا .
فَإِنْ قَالَ : إِنَّ الثِّيَابَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ تُغْسَلَ فَتَعُودَ طَاهِرَةً ، وَالسَّمْنُ لَا يَعُودُ طَاهِرًا أَبَدًا .
قِيلَ لَهُ : إِنَّ الثِّيَابَ ، وَإِنْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرْتَ ، فَإِنَّهَا قَبْلَ أَنْ تَعُودَ إِلَى مَا وَصَفْتَ كَالسَّمْنِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي نَجَاسَتِهِ ، وَقَدْ وَجَدْنَا الدُّورَ الَّتِي لَا تَخْلُو مِنَ الْمَخَارِجِ الَّتِي قَدْ نُجِّسَتْ مَوَاضِعُهَا بِمَا صَارَ إِلَيْهَا مِمَّا بُنِيَتْ [13/402] مِنْ أَجْلِهِ مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ تَطْهِيرُهَا ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَانِعٍ مِنْ بَيْعِهَا ، فَالسَّمْنُ الَّذِي ذَكَرْنَا كَهِيَ فِيمَا وَصَفْنَا ، وَقَدْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ .
كَمَا حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ وَسَالِمٍ : أَنَّهُ سَأَلَهُمَا عَنِ الزَّيْتِ تَمُوتُ فِيهِ الْفَأْرَةُ ، هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ ؟ فَقَالَا : لَا . فَقُلْنَا : نَبِيعُهُ ؟! فَقَالَا : نَعَمْ . ثُمَّ كُلُوا ثَمَنَهُ ، وَبَيِّنُوا لِمَنْ تَبِيعُونَهُ مَا وَقَعَ فِيهِ .
وَبِهَذَا الْقَوْلِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْمَعْنَى ، وَبِهِ نَأْخُذُ ، وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .