[13/411] 860 - بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رَوَاهُ نَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْمَعْنَى
5368 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى -وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - عَنْ عُبَيْدِ اللهِ -وَهُوَ ابْنُ عُمَرَ - حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ ، فَإِنْ كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ، فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ .
[13/412] 5369 - وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي عَبْدٍ فَأَعْتَقَهُ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ، فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِخْبَارُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّ الْعَبْدَ قَدْ عَتَقَ كُلُّهُ بِعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَمْلِكُهُ فِيهِ بَعْضَهُ لَا كُلَّهُ ، وَالَّذِي فِيهِ سِوَى ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِيَسَارِهِ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ ، مُنْفَصِلٌ مِنْهُ ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ ، إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ الَّذِي يَمْلِكُ بَعْضَهُ وَلَا يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ مُعْسِرًا ، كَيْفَ هُوَ ؟
فَكَانَ بَعْضُ النَّاسِ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ، كَمَثَلِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ فِيهِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا ، وَيَذْهَبُ قَائِلُو ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوُا الْإِعْسَارَ يَمْنَعُ الْجُنَاةَ لِلْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ بِجِنَايَاتِهِمْ فِي حَالِ إِعْسَارِهِمْ يُقَيَّمُ مَا جَنَوْا عَلَيْهِ فَأَتْلَفُوهُ لِمَالِكِيهِ ، وَإِنَّ أَحْكَامَهُمْ فِي [13/413] ذَلِكَ فِي حَالِ إِعْسَارِهِمْ كَأَحْكَامِهِمْ فِيهِ حَالَ يَسَارِهِمْ ، إِلَّا عِنْدَ الْأَخْذِ بِذَلِكَ فِي حَالِ إِعْسَارِهِمْ بِهِ ، فَإِنَّهُ مَرْفُوعٌ عَنْهُمْ لِعَجْزِهِمْ عَنْهُ لَا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُؤْخَذُونَ بِهِ مِنْهُ ، فِي حَالِ يَسَارِهِمْ بِهِ .
وَكَانَ مِمَّا يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِيهِ مَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ نَافِعٍ .
5370 - كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ - يَعْنِي سَلَّامَ بْنَ سُلَيْمٍ الْحَنَفِيَّ - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، ضَمِنَ لِشُرَكَائِهِ نَصِيبَهُمْ .
5371 - 5371 وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : ضَمِنَ لِأَصْحَابِهِ أَنْصِبَاءَهُمْ .
5372 - وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، أَخْبَرَنِي هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَيَّاشٍ - يَعْنِي الْبَاجُدَّائِيَّ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ [13/414] مُعَاوِيَةَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قُلْتُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ عَتَاقَةً فِيهَا شَرِيكٌ ، فَتَمَامُ عِتْقِهِ عَلَى الَّذِي أَعْتَقَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَاخْتَلَفَ أَبُو الْأَحْوَصِ ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَرَوَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الصَّوَابِ فِي ذَلِكَ .
وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ لِمُخَالَفَتِهِمْ فِيهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا حَفِظَهُ رَاوِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا حَفِظَهُ عَنْهُ فِيهِ عَلَى حُكْمِهِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا ، لَا عَلَى حُكْمِهِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، ذِكْرُ ذَلِكَ الْحُكْمِ فِي الْعَتَاقِ أَيْضًا ، وَذِكْرُ الْوَاجِبِ بَعْدَهُ فِي يَسَارِ الْمُعْتِقِ ، فَكَانَ الْأَوْلَى فِي ذَلِكَ أَنْ يُصَحَّحَ الْحَدِيثَانِ جَمِيعًا ، وَيُجْعَلَانِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا فِيهِمَا مَا يَجِبُ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي حَالِ يَسَارِهِ لَا مَا سِوَاهُ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ يَحْيَى وَخَالِدٍ عَنْهُ ، كَيْفَ هُوَ . ؟
[13/415] 5373 - فَوَجَدْنَا فَهْدَ بْنَ سُلَيْمَانَ ، قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ عَلَى الْمُعْتِقِ ، وَعَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِخْبَارُ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُعْتِقِ مِمَّا ذَكَرَ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَفِيمَا رَوَيْنَاهُ
[13/416] قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، هُوَ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ، وَذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ نَافِعٌ حَفِظَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَقَصَّرَ عَنْ حِفْظِهِ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِغَيْرِ ذِكْرِ ذَلِكَ فِيهِ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ : كَيْفَ رَوَاهُ عَنْ نَافِعٍ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا . ؟
5374 - فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ الْبَصْرِيَّ ، قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَارِمٌ أَبُو النُّعْمَانِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ ، فَهُوَ عَتِيقٌ .
قَالَ نَافِعٌ : وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ .
قَالَ أَيُّوبُ : لَا أَدْرِي ، أَشِيءٌ قَالَهُ نَافِعٌ أَوْ فِي الْحَدِيثِ ؟ .
[13/417] 5375 - وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ ، فَهُوَ عَتِيقٌ " ، وَرُبَّمَا قَالَ : " وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ، فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ ، وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ يَقُولُهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ .
5376 - وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ - ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ -أَوْ قَالَ : شِقْصًا لَهُ أَوْ شِرْكًا لَهُ - فِي عَبْدٍ ، فَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ ، فَهُوَ عَتِيقٌ ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ .
قَالَ أَيُّوبُ : وَرُبَّمَا قَالَ نَافِعٌ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ ، فَلَا أَدْرِي : أَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَالَهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ ؟ -يَعْنِي قَوْلَهُ : " فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ " .
[13/418] 5377 - وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ ، فَهُوَ عَتِيقٌ مِنْ مَالِهِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ الَّذِي رَوَاهُ أَيُّوبُ ، عَنْ نَافِعٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ : هُوَ إِذَا كَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ، لَا مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْمُعْتِقِينَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ مَا بَلَغَ ثَمَنَهُ .
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، كَيْفَ رَوَاهُ غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا ، عَنْ نَافِعٍ . ؟
5378 - فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ، قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَأُعْطِيَ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ .
[13/419] فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا قَدْ دَلَّ أَنَّ الضَّمَانَ الَّذِي قَدْ ذُكِرَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمَذْكُورِ فِيهِ ، هُوَ إِذَا كَانَ مُوسِرًا ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُكْمِهِ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : " وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ " ، فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا أَعْتَقَهُ مِنْهُ مِمَّا كَانَ يَمْلِكُهُ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ هَذَا لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ كَمَا ذَكَرَ ، وَإِنَّمَا فِيهِ : " وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا عَتَقَ " ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَتَقَ عَلَيْهِ هُوَ جَمِيعُ الْعَبْدِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ مَا سِوَى ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ : " فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ " ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : " فَإِنْ كَانَ لِلَّذِي أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ ، فَعَلَيْهِ عِتْقُهُ كُلُّهُ " .
فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ عَتِيقًا كُلُّهُ بِالْعِتْقِ الَّذِي كَانَ مِنْ أَحَدِ مَالِكِيهِ ، وَإِنَّ هَذَا الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ عَلَى مَا قَدْ عَتَقَ مِنْهُ مِمَّا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كُلِّهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ ، وَقَدْ وَكَّدَ مَا ذَكَرْنَا : أَنَّ الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ فِي الضَّمَانِ بِعَتَاقِهِ الَّذِي وَصَفْنَا ، هُوَ الْمَالِكُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ ، لَا مَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ سَالِمٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [13/420] فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ : " إِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى الْقِيمَةِ ، وَيُعْتَقُ " .
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ فِيهِ مَذْكُورٌ لِلْعَبْدِ الْمُعْتَقِ إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِنْ سِوَى الْيَسَارِ .
فَقَالَ قَائِلٌ : فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ الَّذِي ذَكَرْنَا مُعْسِرًا قَدْ بَقِيَ فِيهِ كَمَنْ لَمْ يُعْتِقْ مَا كَانَ لَهُ مِنْهُ رَقِيقًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ .
5379 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ الْكَعْبِيُّ ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَيُعْتِقُ أَحَدُهُمَا ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ ، فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ مَا يَخْرُجُ حُرًّا ، قَالَ : يَعْتِقُ مِنْهُ مَا عَتَقَ ، وَيَرِقُّ مِنْهُ مَا رَقَّ " .
[13/421] فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ نَجِدْهَا إِلَّا فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، وَخَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ ، وَمَنْ سِوَاهُمَا ، مِمَّنْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ بِغَيْرِ ذِكْرٍ لِذَلِكَ فِيهِ ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ هُمُ الْحُجَّةُ فِي مِثْلِهِ عَلَى مَنْ هُوَ فَوْقَ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ، مَعَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ نَجِدْهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ إِلَّا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مَرْزُوقٍ ، وَإِسْمَاعِيلُ لَيْسَ مِمَّنْ يُقْطَعُ بِرِوَايَتِهِ فِي مِثْلِ هَذَا .
فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَقَدْ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، كَمَا رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ .
وَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّا قَدْ وَجَدْنَاهُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ مِنْ [13/422] رِوَايَةِ مَنْ هُوَ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ بِخِلَافِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَلَى خِلَافِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، وَهُوَ هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ الْوَاسِطِيُّ .
5380 - كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ الْقَرَاطِيسِيُّ ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ فِي عَبْدٍ ، فَأَعْتَقَ نَصِيبَهُ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَ عِتْقَهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ .
فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ نَافِعٍ ، كَمَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْهُ ، إِذْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ مَا لَيْسَ مَعَ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ ، عَلَى مَا رَوَيْنَاهُ عَنْهُ ، عَنْ نَافِعٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ لَا يَمْلِكُ مِنَ الْمَالِ مَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ فِيهِ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَاتِ الرِّجَالِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ هُمُ الْحُجَّةُ فِي نَافِعٍ ، وَهُمْ : عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ ، وَأَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ ، وَمَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَتَرَكْنَا ذِكْرَهُ مِنْ رِوَايَاتِ غَيْرِهِمْ ، عَنْ نَافِعٍ ، إِذْ كَانَ مَا رَوَى غَيْرُهُمْ عَنْ نَافِعٍ فِي ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى مِثْلِ مَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فِيهِ ، وَكَانَ الْكَلَامُ بَيْنَهُمْ فِيهِ كَالْكَلَامِ الَّذِي ذَكَرْنَا بَيْنَهُمْ فِيهِ .
ثُمَّ طَلَبْنَا الْوَاجِبَ فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ كَذَلِكَ ، كَيْفَ هُوَ . ؟
[13/423] فَوَجَدْنَا إِسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ سَهْلٍ الْكُوفِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ الْمُلَائِيُّ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ - وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّالَانِيُّ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ - وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ - عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَجُلَيْنِ بَيْنَهُمَا مَمْلُوكٌ ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، قَالَ : إِنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ أَعْتَقَ نِصْفَ الْعَبْدِ ، وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ، سَعَى الْعَبْدُ فِي بَقِيَّةِ الْقِيمَةِ ، وَكَانُوا شُرَكَاءَ فِي الْوَلَاءِ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِي صِحَّةِ إِسْنَادِهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَارَ عَلَى أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ ، وَهُوَ حُجَّةٌ فِي الرِّوَايَةِ ، إِمَامٌ فِي بَلَدِهِ ، وَعَلَى إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ - وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ - وَهُوَ إِمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ خُرَاسَانَ ، لَا يَعْدِلُ بِهِ أَهْلُهَا فِي الْإِمَامَةِ أَحَدًا ، وَالَّذِي يَنْبَغِي لَنَا لِمَا صَحَّحْنَا هَذِهِ الْآثَارَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا صَحَّحْنَاهَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ ، أَنْ يَكُونَ الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْهَا هُوَ عَتَاقَ كُلِّ الْعَبْدِ بِعِتْقِ أَحَدِ مَالِكِيهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ يَسَارٍ أَوْ إِعْسَارٍ ، وَضَمَانُهُ قِيمَةَ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا بِذَلِكَ ، وَسِعَايَةُ الْعَبْدِ فِي قِيَمِ أَنْصِبَاءِ شُرَكَاءِ الْمُعْتِقِ فِيهِ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا .
وَقَدْ شَدَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ عَتَاقِ الْعَبْدِ كُلِّهِ بِعِتْقِ أَحَدِ مَالِكِيهِ إِيَّاهُ ، مَا قَدْ رَوَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ .
5381 - كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ - يَعْنِي ابْنَ أُسَامَةَ الْهُذَلِيَّ - [13/424] ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ ، فَأَعْتَقَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : لَيْسَ لِلهِ شَرِيكٌ .
5382 - وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَارَ بَعْضُهُ لِلهِ بِعَتَاقِ مَنْ أَعْتَقَهُ ، أَنَّ أَنْصِبَاءَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ مَالِكِيهِ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَنْتَفِي عَنْهُ ، وَيُكْمِلُ لِلهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا صَحَّحْنَا عَلَيْهِ مَا قَدْ رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ .
فَقَالَ قَائِلٌ : هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْفَعْهُ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ ، عَنْ أَبِيهِ ، غَيْرُ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى ، فَأَمَّا مَنْ سِوَاهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَمِنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ ، فَإِنَّمَا رَوَوْهُ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي الْمَلِيحِ ، غَيْرَ مُتَجَاوِزٍ بِهِ إِلَى أَبِيهِ ، وَذَكَرَ فِي ذَلِكَ
5383 - مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ [13/425] هِشَامٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ - عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي مَلِيحٍ : أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلَاصَهُ فِي مَالِهِ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَا شَرِيكَ لِلهِ - عَزَّ وَجَلَّ - .
5384 - وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ : أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا فِي مَمْلُوكٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، وَقَالَ : " لَيْسَ لِلهِ شَرِيكٌ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ سَعِيدًا وَهِشَامًا قَدْ رَوَيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ كَمَا ذَكَرَ ، وَقَدْ زَادَ عَلَيْهِمَا عَنْ قَتَادَةَ فِيهِ هَمَّامٌ مَا زَادَ ، وَهَمَّامٌ مِمَّنْ لَوْ رَوَى حَدِيثًا فَتَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ إِيَّاهُ ، كَانَ مَأْمُونًا عَلَيْهِ ، مَقْبُولَةً رِوَايَتُهُ [13/426] فِيهِ ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فِي تَفَرُّدِهِ بِرِوَايَةِ حَدِيثٍ ، كَانَ كَذَلِكَ فِي تَفَرُّدِهِ بِرِوَايَةِ زِيَادَةٍ فِي حَدِيثٍ .
فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : " عَتَقَ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، لَيْسَ لِلهِ شَرِيكٌ " ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَتَاقَهُ كَذَلِكَ وَخُلُوصَهُ لِلهِ ، إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ، فَإِنَّهُ يَكُونُ بِخِلَافِ ذَلِكَ .
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَ ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهِ عَتَاقُ الْعَبْدِ مِنْ مَالِ مُعْتِقِهِ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ عَتَاقُهُ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ مَالِ مُعْتِقِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمُعْتِقِهِ مَالٌ ، وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَجْهُهُ ، حَتَّى لَا يُضَادَّ غَيْرَهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ .
ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ الَّذِينَ تَدُورُ عَلَيْهِمُ الْفَتْوَى فِي الْأَمْصَارِ فِي حُكْمِ هَذَا الْعَبْدِ فِي حَالِ إِعْسَارِ مُعْتِقِهِ ، فَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَدْ صَارَ الْعَبْدُ حُرًّا كُلُّهُ بِعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ ، وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مِنْ مَالِكِيهِ ، وَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَيْهِمْ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ : مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَسُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ ، وَأَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، فِي كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ .
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَدْ عَتَقَ مِنَ الْعَبْدِ مَا عَتَقَ بِعِتْقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ ، وَمَنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ عَلَى نَصِيبِهِ مِنْهُ ، إِنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ ، فَكَانَ حُرًّا بِعَتَاقِهِ إِيَّاهُ ، وَعَادَ الْعَبْدُ حُرًّا بِالْعَتَاقِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ بَعْدَهُ ، وَإِنْ [13/427] شَاءَ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهُ ، فَعَلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : أَبُو حَنِيفَةَ ، وَكَانَ يَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فِيهِ كَمَا . قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ : كَانَ لَنَا غُلَامٌ قَدْ شَهِدَ الْقَادِسِيَّةَ ، فَأَبْلَى فِيهَا ، وَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أُمِّي وَبَيْنَ أَخِي الْأَسْوَدِ ، فَأَرَادُوا عِتْقَهُ ، وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ صَغِيرًا ، فَذَكَرَ ذَلِكَ الْأَسْوَدُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - فَقَالَ : أَعْتِقُوا أَنْتُمْ ، فَإِذَا بَلَغَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَإِنْ رَغِبَ فِيمَا رَغِبْتُمْ بِهِ ، أَعْتَقَ ، وَإِلَّا ضَمِنَكُمْ .
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَكَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحَ الْإِسْنَادِ ، مَكْشُوفَ الْمَعْنَى ، غَيْرَ أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يُخَالِفُهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَوْلَى مِنْهُ .
وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَدْ عَتَقَ نَصِيبُ مَنْ أَعْتَقَهُ مِنْهُ ، وَبَقِيَ نَصِيبُ مَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مِنْهُ مَمْلُوكًا لَهُ ، كَمَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ الْعِتْقِ ، وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ : مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَالَّذِي صَحَّحْنَا عَلَيْهِ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ مِنْ وَلَاءِ الْعَبْدِ إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ [13/428] مُعْسِرًا أَنَّهُ يَكُونُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ ، وَلِمَنْ يَسْعَى لَهُ ، فَإِنَّ جَمِيعَ مَنْ ذَكَرْنَا يَأْبَى ذَلِكَ ، وَيَجْعَلُ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَهُ خَاصَّةً غَيْرَ أَبِي حَنِيفَةَ ، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْعَلُ الْوَلَاءَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ هَذَا ، وَالْقَوْلُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ مُخَالِفِيهِ فِيهِ ; لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : " الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " ، وَكَانَ هَذَا الْعَبْدُ إِنَّمَا عَتَقَ بِكُلِّيَّتِهِ ، أَوْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ بِعَتَاقِ مَنْ أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ بِعِتْقِهِ إِيَّاهُ ، لَا بِالسِّعَايَةِ الَّتِي أَدَّاهَا ، فَكَانَ مَعْقُولًا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُهُ لِمَنْ دَخَلَهُ الْعَتَاقُ مِنْ قِبَلِهِ ، لَا لِمَنْ سِوَاهُ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ يَحْيَى الْقَطَّانِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ عَتِيقًا كُلُّهُ بِعِتْقِ مَنْ أَعْتَقَهُ مِنْ مَالِكِيهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، كَانَ مَعْقُولًا ; لِأَنَّ الرِّقَّ قَدِ انْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ الْعَتَاقِ ، فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ عَتَاقٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِتْقِ مَالِكٍ كَانَ لِشَيْءٍ مِنْهُ ، وَلَا بِسِعَايَةٍ كَانَتْ مِنْهُ لِمَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مِمَّنْ كَانَ يَمْلِكُهُ ، وَقَدْ كَانَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ نَصِيبُ مَنْ أَعْتَقَهُ ، وَتَبْقَى بَقِيَّتُهُ عَلَى مِلْكِ مَنْ لَمْ يُعْتِقْهُ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ أَعْتَقَهُ مِنَ الْمَالِ مِقْدَارُ قِيَمِ أَنْصِبَائِهِمْ مِنْهُ ، أَنَّهُ يَكُونُ مَا اكْتَسَبَهُ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِهِ لِنَفْسِهِ بِحَقِّ الْعَتَاقِ الَّذِي قَدْ دَخَلَهُ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مَا يَكْتَسِبُهُ فِي يَوْمٍ سِوَاهُ لِمَنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يُوجِبُهُ الْمَعْقُولُ ; لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ لِنَفْسِهِ ، إِنَّمَا يَكْتَسِبُ مَا يَكْتَسِبُ فِيهِ جَمِيعَهُ مِمَّا بَعْضُهُ مَمْلُوكٌ ، وَمِمَّا بَعْضُهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ ، فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ مَا يَكْتَسِبُهُ بِكُلِّيَّتِهِ يَرْجِعُ إِلَى حُكْمِ مَا كُلِّيَّتُهُ عَلَيْهِ ، وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلَّذِينَ لَمْ يُعْتِقُوهُ ، وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحُرٍّ لِبَقَاءِ مِلْكِ الَّذِينَ لَمْ يُعْتِقُوهُ عَلَى مَا كَانُوا يَمْلِكُونَ مِنْهُ ، فَيَكُونُ مَا يَمْلِكُهُ النَّصِيبَانِ جَمِيعًا عَلَى حُكْمِهِمَا لَا يَتَفَرَّدُ بِهِ نَصِيبٌ مِنْهُمَا دُونَ نَصِيبٍ ، وَلَا يَكُونُ [13/429] فِيمَا يَمْلِكُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ بِأَحَدِ النَّصِيبَيْنِ لِمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُهُ كُلَّهُ .
أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ جَنَى عَلَى هَذَا الَّذِي هَذِهِ سَبِيلُهُ جِنَايَةً يَجِبُ لَهُ أَرْشٌ ، أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْفَرِدَ لَهَا الْحُكْمُ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي جُنِيَتْ عَلَيْهِ فِيهِ تِلْكَ الْجِنَايَةُ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ ذَلِكَ الْأَرْشُ لِنَفْسِهِ بِحَقِّ الْعَتَاقِ الَّذِي قَدْ دَخَلَهُ ، وَلِمَنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهُ بِحَقِّ الرِّقِّ الَّذِي لَهُ فِيهِ ، أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبْدِ أَمَةٌ فَزُوِّجَتْ عَلَى صَدَاقٍ بِرِضَاهَا بِذَلِكَ ، وَبِإِذْنِ مَنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهَا لَهُ ، أَفِي ذَلِكَ : أَنَّ الصَّدَاقَ فِي قَوْلِهِمْ يَرْجِعُ إِلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ عَتَاقٍ وَمِنْ رِقٍّ ، لَا إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي هِيَ فِيهِ مِمَّا يَسْتَعْمِلُ نَفْسَهَا فِيهِ بِالْحُرِيَّةِ الَّتِي قَدْ دَخَلَتْهَا ، وَيَسْتَعْمِلُهَا فِي خِلَافِهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ بَقِيَّتَهَا بِحَقِّ الرِّقِّ الَّذِي لَهُ فِيهَا ؟ .
وَإِذَا كَانَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ وَمِنَ الْأَصْدِقَةِ فِي التَّزْوِيجَاتِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، وَكَانَ ذَلِكَ مَرْدُودًا إِلَى أَحْكَامِ مَنْ وَجَبَ ذَلِكَ لَهُ ، لَا إِلَى أَحْكَامِ الْأَيَّامِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ مَا هِيَ فِيهِ مِنْ عَتَاقٍ وَمِنْ رِقٍّ ، كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ يَرْجِعُ إِلَى أَحْكَامِ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عَتَاقٍ وَمِنْ رِقٍّ ، لَا إِلَى أَحْكَامِ الْأَيَّامِ الَّتِي يَكْتَسِبُهُ فِيهَا عَلَى السَّبِيلِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الْقَائِلُونَ فِيهِ الْقَوْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا .
وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ مَا قَالُوا مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ ، وَفِي انْتِفَاءِ مَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتُ ضِدِّهِ ، وَقَدْ كَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ جَمِيعًا يَقُولَانِ فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ الَّذِي ذَكَرْنَا إِذَا كَانَ مُعْتِقُهُ مِنْ أَحَدِ مَالِكِيهِ إِذَا كَانَ مُعْسِرًا إِنَّهُ يَسْعَى فِي قِيمَةِ أَنْصِبَاءِ الَّذِينَ [13/430] لَمْ يُعْتِقُوهُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا يَسْعَى فِيهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ .
وَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَدْفَعُ ذَلِكَ ، إِذْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا جَعَلَ عَلَى مُعْتِقِهِ الضَّمَانَ إِذَا كَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ فِيهِ ، لَا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّى مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ إِلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ مِمَّا لَمْ يُرْوَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاللهُ الْمُوَفِّقُ .