15 - بَاب كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ
2070 - حَدَّثَنَي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أخبرني عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ : " لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ قَالَ : لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي أَنَّ حِرْفَتِي لَمْ تَكُنْ تَعْجِزُ عَنْ مؤونة أَهْلِي ، وَشُغِلْتُ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَسَيَأْكُلُ آلُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ وأحْتَرِفُ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ " .


[4/356] قَوْلُهُ : ( بَابُ كَسْبِ الرَّجُلِ وَعَمَلِهِ بِيَدِهِ ) عَطْفُ الْعَمَلَ بِالْيَدِ عَلَى الْكَسْبِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ؛ لِأَنَّ الْكَسْبَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَمَلًا بِالْيَدِ أَوْ بِغَيْرِهَا . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَفْضَلِ الْمَكَاسِبِ . قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أُصُولُ الْمَكَاسِبِ الزِّرَاعَةُ وَالتِّجَارَةُ وَالصَّنْعَةُ ، وَالْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ أَطْيَبَهَا التِّجَارَةُ ، قَالَ : وَالْأَرْجَحُ عِنْدِي أَنَّ أَطْيَبَهَا الزِّرَاعَةُ ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى التَّوَكُّلِ . وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِحَدِيثِ الْمِقْدَامِ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ ، وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ أَطْيَبَ الْكَسْبِ مَا كَانَ بِعَمَلِ الْيَدِ ، قَالَ : فَإِنْ كَانَ زِرَاعًا فَهُوَ أَطْيَبُ الْمَكَاسِبِ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ عَمَلَ الْيَدِ ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ التَّوَكُّلِ ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْعَامِّ لِلْآدَمِيِّ وَلِلدَّوَابِّ ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ فِي الْعَادَةِ أَنْ يُوكَلَ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ . قُلْتُ : وَفَوْقَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْيَدِ مَا يُكْتَسَبُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ بِالْجِهَادِ ، وَهُوَ مَكْسَبُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ وَهُوَ أَشْرَفُ الْمَكَاسِبِ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِذْلَانِ كَلِمَةِ أَعْدَائِهِ ، وَالنَّفْعِ الْأُخْرَوِيِّ ، قَالَ : وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِيَدِهِ فَالزِّرَاعَةُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ لِمَا ذَكَرْنَا . قُلْتُ : وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا بُحِثَ فِيهِ مِنَ النَّفْعِ الْمُتَعَدِّي ، وَلَمْ يَنْحَصِرِ النَّفْعُ الْمُتَعَدِّي فِي الزِّرَاعَةِ بَلْ كُلُّ مَا يُعْمَلُ بِالْيَدِ فَنَفْعُهُ مُتَعَدٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ تَهْيِئَةِ أَسْبَابِ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ . وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفُ الْمَرَاتِبِ ، وَقَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : إِنَّمَا يَفْضُلُ عَمَلُ الْيَدِ سَائِرَ الْمَكَاسِبِ إِذَا نَصَحَ الْعَامِلُ ، كَمَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ . قُلْتُ : وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ الرِّزْقَ مِنَ الْكَسْبِ بَلْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ ، وَمِنْ فَضْلِ الْعَمَلِ بِالْيَدِ الشُّغْلُ بِالْأَمْرِ الْمُبَاحِ عَنِ الْبَطَالَةِ وَاللَّهْوِ ، وَكَسْرُ النَّفْسِ بِذَلِكَ ، وَالتَّعَفُّفُ عَنْ ذِلَّةِ السُّؤَالِ وَالْحَاجَةِ إِلَى الْغَيْر ، ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ أَوَّلُهَا فِي التِّجَارَةِ ، وَالثَّانِي فِي الزِّرَاعَةِ ، وَالثَّالِثُ وَمَا بَعْدَهُ فِي الصَّنْعَةِ ، الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ .
قَوْلُهُ : ( لَقَدْ عَلِمَ قَوْمِي ) أَيْ : قُرَيْشٌ وَالْمُسْلِمُونَ .
قَوْلُهُ : ( حِرْفَتِي ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا فَاءٌ أَيْ : جِهَةَ اكْتِسَابِي ، وَالْحِرْفَةُ جِهَةُ الِاكْتِسَابِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَعَاشِ ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ كَسُوبًا لِمُؤْنَتِهِ وَمُؤْنَةِ عِيَالِهِ بِالتِّجَارَةِ مِنْ غَيْرِ عَجْزٍ ، تَمْهِيدًا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِذَارِ عَمَّا يَأْخُذُهُ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ .
قَوْلُهُ : ( وَشُغِلْتُ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ : أنَّ الْقِيَامَ بِأُمُورِ الْخِلَافَةِ شَغَلَهُ عَنِ الِاحْتِرَافِ ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ سَعْدٍ ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " لَمَّا مَرِضَ أَبُو بَكْرٍ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ قَالَ : انْظُرُوا مَاذَا فِي مَالِي مُنْذُ دَخَلَتِ الْإِمَارَةُ فَابْعَثُوا بِهِ إِلَى الْخَلِيفَةِ بَعْدِي . قَالَتْ : فَلَمَّا مَاتَ نَظَرْنَا فَإِذَا عَبْدٌ نُوبِيٌّ كَانَ يَحْمِلُ صِبْيَانَهُ ، وَنَاضِحٌ كَانَ يَسْقِي بُسْتَانًا لَهُ ، فَبَعَثْنَا بِهِمَا إِلَى عُمَرَ فَقَالَ : رَحْمَتُ اللَّهِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ " وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَزَادَ : " إِنَّ الْخَادِمَ كَانَ صَيْقَلًا يَعْمَلُ سُيُوفَ الْمُسْلِمِينَ وَيَخْدُمُ آلَ أَبِي بَكْرٍ " وَمِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ وَفِيهِ : " قَدْ كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أُوَفِّرَ مَالَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ كُنْتُ أَصَبْتُ مِنَ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ " وَفِيهِ : " وَمَا كَانَ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مَا كَانَ إِلَّا خَادِمٌ وَلِقْحَةٌ وَمِحْلَبٌ " .
قَوْلُهُ : ( آلُ أَبِي بَكْرٍ ) أَيْ : هُوَ نَفْسُهُ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ . وَقِيلَ : أَرَادَ نَفْسَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : " أَحْتَرِفُ " حَكَاهُ [4/357] الطِّيبِيُّ . قَالَ : وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَسَقُ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَ الِاحْتِرَافَ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ عَاطِفًا لَهُ عَلَى " فَسَيَأْكُلُ " فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَهْلَ لَتَنَافَرَ . انْتَهَى . وَجَزَمَ الْبَيْضَاوِيُّ بِأَنَّ قَوْلَهُ : " آلُ أَبِي بَكْرٍ " عُدُولٌ عَنِ الْمُتَكَلِّمِ إِلَى الْغَيْبَةِ عَلَى طَرِيقِ الِالْتِفَاتِ ، قَالَ : وَقِيلَ : أَرَادَ نَفْسَهُ ، وَالْأَوَّلُ مُقْحَمٌ لِقَوْلِهِ : " وَأَحْتَرِفُ " وَلَيْسَ بِشَيْءٍ ، بَلِ الْمَعْنَى أَنِّي كُنْتُ أَكْتَسِبُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَهُ وَالْآنَ أَكْتَسِبُ لِلْمُسْلِمِينَ . قَالَ الطِّيبِيُّ : فَائِدَةُ الِالْتِفَاتِ أَنَّهُ جَرَّدَ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا كَسُوبًا لِمُؤْنَةِ الْأَهْلِ بِالتِّجَارَةِ فَامْتَنَعَ لِشُغْلِهِ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ عَنِ الِاكْتِسَابِ ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِالْعِلَّةِ ، وَأَنَّ مَنِ اتَّصَفَ بِالشُّغْلِ الْمَذْكُورِ حَقِيقٌ أَنْ يَأْكُلَ هُوَ وَعِيَالُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَخَصَّ الْأَكْلَ مِنْ بَيْنِ الِاحْتِيَاجَاتِ لِكَوْنِهِ أَهَمَّهَا وَمُعْظَمَهَا . قَالَ ابْنُ التِّينِ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْعَامِلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عَرَضِ الْمَالِ الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ قَدْرَ حَاجَتِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ إِمَامٌ يَقْطَعُ لَهُ أُجْرَةً مَعْلُومَةً ، وَسَبَقَهُ إِلَى ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ .
قُلْتُ : لَكِنْ فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يَتَنَاوَلُهُ فُرِضَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، فَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ : " لَمَّا اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ أَصْبَحَ غَادِيًا إِلَى السُّوقِ عَلَى رَأْسِهِ أَثْوَابٌ يَتَّجِرُ بِهَا ، فَلَقِيَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَالَ : كَيْفَ تَصْنَعُ هَذَا وَقَدْ وُلِّيتَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ : فَمِنْ أَيْنَ أُطْعِمُ عِيَالِي؟ قَالُوا : نَفْرِضُ لَك . فَفَرَضُوا لَهُ كُلَّ يَوْمٍ شَطْرَ شَاةٍ " .
قَوْلُهُ : ( وَأَحْتَرِفُ ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " وَيَحْتَرِفُ " قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : أَرَادَ بِاحْتِرَافِهِ لِلْمُسْلِمِينَ نَظَرَهُ فِي أُمُورِهِمْ وَتَمْيِيزَ مَكَاسِبِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ ، وَكَذَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : الْمَعْنَى : أَكْتَسِبُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِالسَّعْيِ فِي مَصَالِحِهِمْ وَنَظْمِ أَحْوَالِهِمْ . وَقَالَ غَيْرُهُ : يُقَالُ : احْتَرَفَ الرَّجُلُ إِذَا جَازَى عَلَى خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ . وَقَالَ الْمُهَلَّبُ : قَوْلُهُ أَحْتَرِفُ لَهُمْ أَيْ : أَتَّجِرُ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ حَتَّى يَعُودَ عَلَيْهِمْ مِنْ رِبْحِهِ بِقَدْرِ مَا آكُلُ أَوْ أَكْثَرُ ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِقَدْرِ مُؤْنَتِهِ إِلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ بِذَلِكَ كَمَا تَطَوَّعَ أَبُو بَكْرٍ . قُلْتُ : وَالتَّوْجِيهُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ بَيَّنَ السَّبَبَ فِي تَرْكِ الِاحْتِرَافِ وَهُوَ الِاشْتِغَالُ بِالْإِمَارَةِ ، فَمَتَى يَتَفَرَّغُ لِلِاحْتِرَافِ لِغَيْرِهِ؟ إِذْ لَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَافُ لَاحْتَرَفَ لِنَفْسِهِ كَمَا كَانَ ، إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي الْمَالَ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ وَيَجْعَلُ رِبْحَهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ رَوَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ " فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ أَكَلَ هُوَ وَأَهْلُهُ مِنَ الْمَالِ - أَيْ : مَالِ الْمُسْلِمِينَ - وَاحْتَرَفَ فِي مَالِ نَفْسِهِ " .
( تَنْبِيهٌ ) : حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الْوَقْفَ لَكِنَّهُ بِمَا اقْتَضَاهُ مِنْ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَخْلَفَ كَانَ يَحْتَرِفُ لِتَحْصِيلِ مُؤْنَةِ أَهْلِهِ يَصِيرُ مَرْفُوعًا ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَقَوْلِ الصَّحَابِيِّ : كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ : " أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ تَاجِرًا إِلَى بُصْرَى فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ : " إِنَّ إِخْوَانِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ " وَيَأْتِي حَدِيثُ عَائِشَةَ : " أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عُمَّالَ أَنْفُسِهِمْ " وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لَهُ عَقِبَ حَدِيثِهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ .