30 - بَاب النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ
وقَالَ عُبَادَةُ : بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا نَنْتَهِبَ
2474 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّ - وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ - قَالَ : نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ .


[5/143] قَوْلُهُ : ( بَابُ النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ ) ؛ أَيْ صَاحِبِ الشَّيْءِ الْمَنْهُوبِ . وَالنُّهْبَى بِضَمِّ النُّونِ فُعْلَى مَنِ النَّهْبِ ، وَهُوَ أَخْذُ الْمَرْءِ مَا لَيْسَ لَهُ جِهَارًا ، وَنَهْبُ مَالِ الْغَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَمَفْهُومُ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ إِذَا أَذِنَ جَازَ ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمَنْهُوبِ الْمُشَاعِ كَالطَّعَامِ يُقَدَّمُ لِلْقَوْمِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّا يَلِيهِ وَلَا يَجْذِبُ مِنْ غَيْرِهِ إِلَّا بِرِضَاهُ ، وَبِنَحْوِ ذَلِكَ فَسَّرَهُ النَّخَعِيُّ وَغَيْرُهُ . وَكَرِهَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ النَّهْبَ فِي نِثَارِ الْعُرْسِ ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ أَذِنَ لِلْحَاضِرِينَ فِي أَخْذِهِ فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ، وَالنَّهْبُ يَقْتَضِي خِلَافَهَا ، وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ عَلَّقَ التَّمْلِيكَ عَلَى مَا يَحْصُلُ لِكُلِّ أَحَدٍ ، فَفِي صِحَّتِهِ اخْتِلَافٌ فَلِذَلِكَ كَرِهَهُ . وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشَّرِكَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( وَقَالَ عُبَادَةُ : بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا نَنْتَهِبَ ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي " وُفُودِ الْأَنْصَارِ " ، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ ، وَكَانَ مِنْ شَأْنِ الْجَاهِلِيَّةِ انْتِهَابُ مَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ الْغَارَاتِ ، فَوَقَعَتِ الْبَيْعَةُ عَلَى الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ .
قَوْلُهُ : ( سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ . وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَحْدَهُ : " ابْنُ زَيْدٍ " ، وَهُوَ تَصْحِيفٌ .
قَوْلُهُ : ( وَهُوَ ) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ ( جَدُّهُ ) ؛ أَيْ جَدُّ عَدِيٍّ لِأُمِّهِ ، وَاسْمُ أُمِّهِ فَاطِمَةُ ، وَتُكَنَّى أُمَّ عَدِيٍّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْخَطْمِيُّ مَضَى ذِكْرُهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ ، وَلَيْسَ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَهُ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ غَيْرُ هَذَا . وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ ، عَنْ شُعْبَةَ فَقَالَ فِيهِ : " عَنْ عَدِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ " ، أَشَارَ إِلَيْهِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ ، وَالْمَحْفُوظُ عَنْ شُعْبَةَ لَيْسَ فِيهِ أَبُو أَيُّوبَ . وَفِيهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ عَلَى عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ . وَفِي النَّهْيِ عَنِ النُّهْبَةِ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ : " مَنِ انْتَهَبَ فَلَيْسَ مِنَّا " ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ ، وَحَدِيثُ عِمْرَانَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ مِثْلُهُ . وَحَدِيثُ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ [5/144] بِلَفْظِ : " إِنَّ النُّهْبَةَ لَا تَحِلُّ " عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ ، وَحَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ : " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ النُّهْبَةِ " .
قَوْلُهُ : ( عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ ، وَيَجُوزُ فَتْحُ الْمِيمِ وَضَمُّ الْمُثَلَّثَةِ ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهَا فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ : " لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ " الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ : " وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ترْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ " ، وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ التَّقْيِيدُ بِالْإِذْنِ فِي التَّرْجَمَةِ لِأَنَّ رَفْعَ الْبَصَرِ إِلَى الْمُنْتَهِبِ فِي الْعَادَةِ لَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .