5 - باب الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ : مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ
2641 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ : إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ ، اللَّهُ يُحَاسِبُ سَرِيرَتَهُ ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ ، وَإِنْ قَالَ : إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ .


[5/298] قَوْلُهُ : ( بَابُ الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ : مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ ) أَيْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى : مِمَّنْ تَرْضَوْنَ فَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَا مِنَ التِّلَاوَةِ ، وَالْعَدْلُ وَالرِّضَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ مَنْ يَكُونُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا غَيْرَ مُرْتَكِبٍ كَبِيرَةً وَلَا مُصِرًّا عَلَى صَغِيرَةٍ ، زَادَ الشَّافِعِيُّ : وَأَنْ يَكُونَ ذَا مُرُوءَةٍ . وَيُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ أَنْ لَا يَكُونَ عَدُوًّا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ، وَلَا مُتَّهَمًا فِيهَا بِجَرِّ نَفْعٍ وَلَا دَفْعِ ضُرٍّ وَلَا أَصْلًا لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَا فَرْعًا مِنْهُ . وَاخْتُلِفَ فِي تَفَاصِيلَ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ التَّرَاجِمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ : ( أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ ) أَيِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، سَمِعَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَلَهُ رؤية ، وَحَدِيثُهُ هَذَا عَنْ عُمَرَ أَغْفَلَهُ الْمِزِّيُّ فِي " الْأَطْرَافِ " وَالْمَرْفُوعُ مِنْهُ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِمَّا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
قَوْلُهُ : ( وَإنَّ الْوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ ) أَيْ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالْمُرَادُ انْقِطَاعُ أَخْبَارِ الْمَلَكِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى لِبَعْضِ الْآدَمِيِّينَ بِالْأَمْرِ فِي الْيَقَظَةِ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فِرَاسٍ عَنْ عُمَرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ " إِنَّا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذِ الْوَحْيُ يَنْزِلُ وَإِذْ يَأْتِينَا مِنْ أَخْبَارِكُمْ " وَأَرَادَ أَنَّ النَّبِيَّ قَدِ انْطَلَقَ وَرُفِعَ الْوَحْيُ .
قَوْلُهُ : ( فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ ) بِهَمْزَةٍ بِغَيْرِ مَدٍّ وَمِيمٍ مَكْسُورَةٍ وَنُونٍ مُشَدَّدَةٍ مِنَ الْأَمْنِ ، أَيْ صَيَّرْنَاهُ عِنْدَنَا أَمِينًا ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فِرَاسٍ : " أَلَا وَمَنْ يُظْهِرُ مِنْكُمْ خَيْرًا ؛ ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا وَأَحْبَبْنَاهُ عَلَيْهِ " .
قَوْلُهُ : ( اللَّهُ يُحَاسِبُ ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ ، عَنِ الْحَمَوِيِّ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ ، وَلِلْبَاقِينَ " اللَّهُ مُحَاسِبُهُ " بِمِيمٍ أَوَّلَهُ وَهَاءٍ آخِرَهُ .
قَوْلُهُ : ( سُوءًا ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " شَرًّا " وَفِي رِوَايَةِ أَبِي فِرَاسٍ : " وَمَنْ يُظْهِرُ لَنَا شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا وَأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ ; سَرَائِرُكُمْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ " قَالَ الْمُهَلَّبُ : هَذَا إِخْبَارٌ مِنْ عُمَرَ عَمَّا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَّا صَارَ بَعْدَهُ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَدْلَ مَنْ لَمْ تُوجَدْ مِنْهُ الرِّيبَةُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ ، وَإِسْحَاقَ كَذَا قَالَ ، وَهَذَا إِنَّمَا هُـوَ فِي حَقِّ الْمَعْرُوفِينَ لَا مَنْ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ أَصْلًا .