بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
54 - كِتَاب الشُّرُوطِ
1 - بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَالْأَحْكَامِ ، وَالْمُبَايَعَةِ
2711 ، 2712 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ عُقَيْلٍ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ ، وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَوْمَئِذٍ كَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ - وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ - إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ ، فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامْتَعَضُوا مِنْهُ ، وَأَبَى سُهَيْلٌ إِلَّا ذَلِكَ فَكَاتَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ ، فَرَدَّ يَوْمَئِذٍ أَبَا جَنْدَلٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ إِلَّا رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا . وَجَاءَتْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ ، وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ - وَهِيَ عَاتِقٌ - فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ ؛ لِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ : إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ - إِلَى قَوْلِهِ - وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ
2713 قَالَ عُرْوَةُ فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ - إِلَى - غَفُورٌ رَحِيمٌ قَالَ عُرْوَةُ : قَالَتْ عَائِشَةُ : فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْهُنَّ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ بَايَعْتُكِ ، كَلَامًا يُكَلِّمُهَا بِهِ ، وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ ، وَمَا بَايَعَهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ .


[5/368] [5/369] قَوْلُهُ : ( بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمُبَايَعَةِ ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ ، وَسَقَطَ كِتَابُ الشُّرُوطِ لِغَيْرِهِ .
وَالشُّرُوطُ جَمْعُ شَرْطٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ مَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيُهُ نَفْيَ أَمْرٍ آخَرَ غَيْرِ السَّبَبِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا بَيَانُ مَا يَصِحُّ مِنْهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ .
وَقَوْلُهُ : " فِي الْإِسْلَامِ " أَيْ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، فَيَجُوزُ مَثَلًا أَنْ يَشْتَرِطَ الْكَافِرُ أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ لَا يُكَلَّفُ بِالسَّفَرِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ مَثَلًا ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ مَثَلًا .
وَقَوْلُهُ : " وَالْأَحْكَامِ " أَيِ الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ .
وَقَوْلُهُ : " وَالْمُبَايَعَةِ " مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ .
قَوْلُهُ : ( يُخْبِرَانِ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) هَكَذَا قَالَ عُقَيْلٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَاقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِرِوَايَةِ عُقَيْلٍ أَنَّهُ عَنْهُمَا مُرْسَلٌ ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَحْضُرَا الْقِصَّةَ ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يُصِبْ مَنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ الْمِسْوَرِ أَوْ مَرْوَانَ ، لِأَنَّ مَرْوَانَ لَا يَصِحُّ لَهُ سَمَاعٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا صُحْبَةٌ ، وَأَمَّا الْمِسْوَرُ فَصَحَّ سَمَاعُهُ مِنْهُ لَكِنَّهُ إِنَّمَا قَدِمَ مَعَ أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ بَعْدَ الْفَتْحِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ .
قَوْلُهُ : ( لَمَّا كَاتَبَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ) هَكَذَا اقْتَضَبَ هَذِهِ الْقِصَّةَ مِنَ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ بِطُولِهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ .
وَقَوْلُهُ : " فَامْتَعَضُوا " بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ أَنِفُوا وَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ الْخَلِيلُ : مَعِضَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الشَّيْءِ وَامْتَعَضَ : تَوَجَّعَ مِنْهُ . وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ : شَقَّ عَلَيْهِ وَأَنِفَ مِنْهُ . وَوَقَعَ مِنَ الرُّوَاةِ اخْتِلَافٌ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى مَا هُـنَا ، وَالْأَصِيلِيُّ ، وَالْهَمْذانِيُّ بِظَاءٍ مُشَالَةٍ ، وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ امَّعَضُوا بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَكَذَا الْعَبْدُوسِيُّ ، وَعَنِ النَّسَفِيِّ انْغَضُّوا بِنُونٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَضَادٍ غَيْرِ مُشَالَةٍ ، قَالَ عِيَاضٌ : وَكُلُّهَا تَغْيِيرَاتٌ ، حَتَّى وَقَعَ عِنْدَ بَعْضِهِمُ انْفَضُّوا بِفَاءٍ وَتَشْدِيدٍ ، وَبَعْضُهُمْ أَغْيَظُوا مِنَ الْغَيْظِ .
وَقَوْلُهُ : " قَالَ عُرْوَةُ : فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ " هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي أَوَاخِرِ النِّكَاحِ .