2 - بَابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ
250 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ ، مِنْ قَدَحٍ يُقَالُ لَهُ : الْفَرَقُ .


قَوْلُهُ : ( بابُ غُسْلِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ . عَنْ عُرْوَةَ ) أَيِ ابْنِ الزُّبَيْرِ كَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ ، وَخَالَفَهُمْ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فَرَوَاهُ عَنْهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ، وَرَجَّحَ أَبُو زُرْعَةَ الْأَوَّلَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلزُّهْرِيِّ شَيْخَانِ فَإِنَّ الْحَدِيثَ مَحْفُوظٌ عَنْ عُرْوَةَ ، وَالْقَاسِمِ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى .
قَوْلُهُ : ( أَنَا وَالنَّبِيُّ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ وَهُوَ مِنْ بَابِ تَغْلِيبِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْغَائِبِ لِكَوْنِهَا هِيَ السَّبَبَ فِي الِاغْتِسَالِ ، فَكَأَنَّهَا أَصْلٌ فِي الْبَابِ .
قَوْلُهُ : ( مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ ) مِنَ الْأُولَى : ابْتِدَائِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ : بَيَانِيَّةٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدَحٌ بَدَلًا مِنْ إِنَاءٍ بِتَكْرَارِ حَرْفِ الْجَرِّ ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ : كَانَ هَذَا الْإِنَاءُ مِنْ شَبَهٍ ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ كَمَا تَقَدَّمَ تَوْضِيحُهُ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ، وَكَأَنَّ مُسْتَنَدَهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ وَلَفْظُهُ " تَوْرٌ مِنْ شَبَهٍ " .
قَوْلُهُ : ( يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ ) ، وَلِمَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : هُوَ الْفَرْقُ ، وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ " مِنَ الْجَنَابَةِ " أَيْ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ ، وَلِأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ " وَذَلِكَ الْقَدَحُ يَوْمَئِذٍ يُدْعَى الْفَرَقَ " قَالَ ابْنُ التِّينِ : الْفَرْقُ بِتَسْكِينِ الرَّاءِ وَرُوِّينَاهُ بِفَتْحِهَا وَجَوَّزَ بَعْضُهُمُ الْأَمْرَيْنِ ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ وَغَيْرُهُ : هُوَ بِالْفَتْحِ ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ : الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ ، وَزَعَمَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، بَلْ هُمَا لُغَتَانِ ، قُلْتُ : لَعَلَّ مُسْتَنَدَ الْبَاجِيِّ مَا حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ ، عَنْ ثَعْلَبٍ وَغَيْرِهِ : الْفَرَقُ بِالْفَتْحِ وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَكِّنُونَهُ ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ . انْتَهَى ، وَقَدْ حَكَى الْإِسْكَانَ أَبُو زَيْدٍ ، وَابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ ، وَالَّذِي فِي رِوَايَتِنَا هُوَ الْفَتْحُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ الْفَرَقَ بِالْفَتْحِ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَبِالْإِسْكَانِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا ، وَهُوَ غَرِيبٌ ، وَأَمَّا مِقْدَارُهُ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي ابْنَ عُيَيْنَةَ : الْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَكَذَا قَالَ الْجَمَاهِيرُ ، وَقِيلَ : الْفَرَقُ صَاعَانِ ، لَكِنْ نَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْفَرَقَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ ، وَعَلَى أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَقَدَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ : إِنَّ الصَّاعَ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ [1/434] حَزَرَ الْإِنَاءَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، فَإِنَّ الْحَزْرَ لَا يُعَارَضُ بِهِ التَّحْدِيدُ ، وَأَيْضًا فَلِمَ صَرَّحَ مُجَاهِدٌ بِأَنَّ الْإِنَاءَ الْمَذْكُورَ صَاعٌ فَيُحْمَلُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَوَانِي مَعَ تَقَارُبِهَا ، وَيُؤَيِّدُ كَوْنَ الْفَرَقِ ثَلَاثَةَ آصُعٍ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ " قَدْرُ سِتَّةِ أَقْسَاطٍ " وَالْقِسْطُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ نِصْفُ صَاعٍ وَالِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْفَرَقَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا فَصَحَّ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ ، وَتَوَسَّطَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ : الصَّاعُ الَّذِي لِمَاءِ الْغُسْلِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ ، وَالَّذِي لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهَا خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَمَبَاحِثُ الْمَتْنِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الدَّاوُدِيُّ عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إِلَى عَوْرَةِ امْرَأَتِهِ وَعَكْسِهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى فَرْجِ امْرَأَتِهِ فَقَالَ : سَأَلْتُ عَطَاءً فَقَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَذَكَرَتْ هَذَا الْحَدِيثَ بِمَعْنَاهُ ، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .