2856 - حَدَّثَنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، سَمِعَ يَحْيَى بْنَ آدَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ : عُفَيْرٌ فَقَالَ : يَا مُعَاذُ هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ ؟ قَالَ : لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا .


الثَّالِثُ : حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ .
قَوْلُهُ : ( عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ) هُوَ الْأَوْدِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ فِي أَخْبَارِ الْجَاهِلِيَّةِ . وَأَبُو إِسْحَاقَ ) الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ السَّبِيعِيُّ . وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ إِلَّا الصَّحَابِيَّ ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ ) شَيْخُ يَحْيَى بْنِ آدَمَ فِيهِ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّامٌ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ ابْنُ سَلِيمٍ وَعَلَى ذَلِكَ يَدُلُّ كَلَامُ الْمِزِّيِّ ، لَكِنْ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ النَّسَائِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمَخْزُومِيِّ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ شَيْخِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ فقال : " عَنْ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، " وَالْبُخَارِيُّ أَخْرَجَهُ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَكُنْيَةُ عَمَّارِ بْنِ زُرَيْقٍ أَبُو الْأَحْوَصِ فَهُوَ هُوَ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ . وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، وَأَبُو دَاوُدَ ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ هَذَا هُوَ سَلَّامُ بْنُ سَلِيمٍ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ ، وَهَنَّادًا أَدْرَكَاهُ وَلَمْ يُدْرِكَا عَمَّارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( كُنْتُ رِدْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ مُصَغَّرٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَفْرِ وَهُوَ لَوْنُ التُّرَابِ كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِلَوْنِهِ ، وَالْعُفْرَةُ حُمْرَةٌ يُخَالِطُهَا بَيَاضٌ ، وَهُوَ تَصْغِيرُ أَعْفَرَ أَخْرَجُوهُ عَنْ بِنَاءِ أَصْلِهِ كَمَا قَالُوا سُوَيْدٌ فِي تَصْغِيرِ أَسْوَدَ ، وَوَهِمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ الْحِمَارِ الْآخَرِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ : يَعْفُورٌ ، وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدُوسٍ أَنَّهُمَا وَاحِدٌ وَقَوَّاهُ صَاحِبُ الْهَدْيِ ، وَرَدَّهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَقَالَ : عُفَيْرٌ أَهْدَاهُ الْمُقَوْقِسُ وَيَعْفُورُ أَهْدَاهُ فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو وَقِيلَ : بِالْعَكْسِ . وَيَعْفُورٌ بِسُكُونِ الْمُهْمِلَةِ وَضَمِّ الْفَاءِ هُوَ اسْمُ وَلَدِ الظَّبْيِ كَأَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِسُرْعَتِهِ . قَالَ الْوَاقِدِيُّ : نَفَقَ يَعْفُورٌ مُنْصَرَفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ ، عَنِ ابْنِ الصَّلَاحِ ، وَقِيلَ : طَرَحَ نَفْسَهُ فِي بِئْرٍ يَوْمَ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْثَدٍ فِي الضُّعَفَاءِ ، وَفِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنِمَهُ مِنْ خَيْبَرَ ، وَأَنَّهُ كَلَّمَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ لِيَهُودِيٍّ وَأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ جَدِّهِ سِتُّونَ حِمَارًا لِرُكُوبِ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ : وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ غَيْرِي وَأَنْتَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ ، فَسَمَّاهُ يَعْفُورًا . وَكَانَ يَرْكَبُهُ فِي حَاجَتِهِ وَيُرْسِلُهُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَقْرَعُ بَابَهُ بِرَأْسِهِ فَيَعْرِفُ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى بِئْرِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ فَتَرَدَّى فِيهَا فَصَارَتْ قَبْرَهُ ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ : لَا أَصْلَ لَهُ وَلَيْسَ سَنَدُهُ بِشَيْءٍ .
قَوْلُهُ : ( أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ " أَنْ تَعْبُدُوا " بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ .
قَوْلُهُ : ( فَيَتَّكِلُوا ) بِتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِسُكُونِ النُّونِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرَ كِتَابِ الْعِلْمِ ، وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي الرِّقَاقِ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُسَمِّ فِيهِ الْحِمَارَ ، [6/71] وَنَسْتَكْمِلُ بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَتَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَهَذَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ فَهُمَا حَدِيثَانِ ، وَوَهِمَ الْحُمَيْدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ جَعَلُوهُمَا حَدِيثًا وَاحِدًا . نَعَمْ وَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَنْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّاسَ لِئَلَّا يَتَكَلَّمُوا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَا حَدِيثًا وَاحِدًا . وَزَادَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْعِلْمِ " فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذًا عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا " وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ هُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .