161 - بَاب الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ
فِيهِ سَهْلٌ ، وَأَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ
3034 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : رَأَيْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَنْقُلُ التُّرَابَ حَتَّى وَارَى التُّرَابُ شَعَرَ صَدْرِهِ - وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ الشَّعَرِ - وَهُوَ يَرْتَجِزُ بِرَجَزِ عَبْدِ اللَّهِ :
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأَعْدَا قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا
يَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ .


قَوْلُهُ : ( بَابُ الرَّجَزِ فِي الْحَرْبِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ ) الرَّجَزُ ، بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ وَالزَّايِ : مِنْ بُحُورِ الشِّعْرِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَجَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَرْبِ لِيَزِيدَ فِي النَّشَاطِ وَيَبْعَثَ الْهِمَمَ ، وَفِيهِ جَوَازُ تَمَثُّلِ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِعْرِ غَيْرِهِ ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَفِيهِ جَوَازُ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي عَمَلِ الطَّاعَةِ لِيُنَشِّطَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ .
قَوْلُهُ : ( فِيهِ سَهْلٌ ، وَأَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ ) أَمَّا حَدِيثُ سَهْلٍ ، وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ ، فَوَصَلَهُ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ ، وَفِيهِ : اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الْآخِرَةِ وَسَيَأْتِي ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي " بَابِ حَفْرِ الْخَنْدَقِ " فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ ، وَفِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا بِزِيَادَةٍ . وَأَمَّا حَدِيثُ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُبَيْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ الْأَكْوَعِ ، فَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ ، وَفِيهِ : اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا . وَقِصَّةُ عَامِرِ بْنِ الْأَكْوَعِ وَسَيَأْتِي أَيْضًا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ ارْتِجَازُ سَلَمَةَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ : " وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ " .
وقَوْلُهُ هُنَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ : " إِنَّ الْعِدَا قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا " يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ التَّمَنِّي عَقِبَ كِتَابِ الْأَحْكَامِ ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ فِي التَّرْجَمَةِ بِقَوْلِهِ : " وَرَفْعُ الصَّوْتِ فِي حَفْرِ الْخَنْدَقِ " إِلَى أَنَّ كَرَاهَةَ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْحَرْبِ مُخْتَصَّةٌ بِحَالَةِ الْقِتَالِ ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ : " كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُونَ الصَّوْتَ عِنْدَ الْقِتَالِ " .