23 - بَاب ظُلْمٌ دُونَ ظُلْمٍ
32 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، ح . قَالَ : وَحَدَّثَنِي بِشْرُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ


قَوْلُهُ : ( بَابُ ظُلْمٍ دُونَ ظُلْمٍ ) دُونَ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى غَيْرَ ، أَيْ أَنْوَاعُ الظُّلْمِ مُتَغَايِرَةٌ . أَوْ بِمَعْنَى الْأَدْنَى ، أَيْ : بَعْضُهَا أَخَفُّ مِنْ بَعْضٍ ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي مَقْصُودِ الْمُصَنِّفِ . وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَفْظُ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمَعْنَاهُ ، وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى : وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْـزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ ، فَاسْتَعْمَلَهُ الْمُؤَلِّفُ تَرْجَمَةً ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ . وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِنْ قَوْلِهِ " بِظُلْمٍ " عُمُومَ أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَهُوَ الشِّرْكُ عَلَى مَا سَنُوَضِّحُهُ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلظُّلْمِ مَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَةً . وَمُنَاسَبَةُ إِيرَادِ هَذَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَعَاصِيَ غَيْرُ الشِّرْكِ لَا يُنْسَبُ صَاحِبُهَا إِلَى الْكُفْرِ الْمُخْرِجِ عَنِ الْمِلَّةِ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ ظَاهِرَةٌ .
قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ ) هُوَ الطَّيَالِسِيُّ .
قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنِي بِشْرٌ ) هُوَ فِي الرِّوَايَاتِ الْمُصَحَّحَةِ بِوَاوِ الْعَطْفِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَبْلَهَا صُورَةُ ح ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ التَّصْنِيفِ فَهِيَ مُهْمَلَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنَ التَّحْوِيلِ عَلَى الْمُخْتَارِ . وَإِنْ كَانَتْ مَزِيدَةً مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُهْمَلَةً كَذَلِكَ ، أَوْ مُعْجَمَةً مَأْخُوذَةً مِنَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّهَا رَمْزُهُ ، أَيْ : قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَحَدَّثَنِي بِشْرٌ ، وَهُوَ ابْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ وَشَيْخُهُ مُحَمَّدُ هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ الْمَعْرُوفُ بِغُنْدَرٍ ، وَهُوَ أَثْبَتُ النَّاسِ فِي شُعْبَةَ ، وَلِهَذَا أَخْرَجَ الْمُؤَلِّفُ رِوَايَتَهُ مَعَ كَوْنِهِ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ عَالِيًا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ ، وَاللَّفْظُ الْمُسَاقُ هُنَا لَفْظُ بِشْرٍ ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْهُ وَتَابَعَهُ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَهُوَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي تَفْسِيرِ الْأَنْعَامِ ، وَأَمَّا لَفْظُ أَبِي الْوَلِيدِ [1/110] فَسَاقَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي قِصَّةِ لُقْمَانَ بِلَفْظِ " أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ " وَزَادَ فِيهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ شُعْبَةَ بَعْدَ قَوْلُهُ : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ فَطَابَتْ أَنْفُسُنَا . وَاقْتَضَتْ رِوَايَةُ شُعْبَةَ هَذِهِ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ سَبَبُ نُزُولِ الْآيَةِ الْأُخْرَى الَّتِي فِي لُقْمَانَ ، لَكِنْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ الْأَعْمَشِ ، وَهُوَ سُلَيْمَانُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ . فَفِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْهُ : " فَقَالُوا : أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ بِذَلِكَ ، أَلَا تَسْمَعُونَ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ " . وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ عَنْهُ : " فَقَالَ : لَيْسَ كَمَا تَظُنُّونَ " . وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ : " إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ ، أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى مَا قَالَ لُقْمَانُ " . وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي فِي لُقْمَانَ كَانَتْ مَعْلُومَةً عِنْدَهُمْ وَلِذَلِكَ نَبَّهَهُمْ عَلَيْهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهَا وَقَعَ فِي الْحَالِ فَتَلَاهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ نَبَّهَهُمْ فَتَلْتَئِمُ الرِّوَايَتَانِ . قَالَ الْخَطَّابِيُّ : كَانَ الشِّرْكُ عِنْدَ الصَّحَابَةِ أَكْبَرَ مِنْ أَنْ يُلَقَّبَ بِالظُّلْمِ ، فَحَمَلُوا الظُّلْمَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا عَدَاهُ - يَعْنِي مِنَ الْمَعَاصِي - فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . كَذَا قَالَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمْ حَمَلُوا الظُّلْمَ عَلَى عُمُومِهِ ، الشِّرْكَ فَمَا دُونَهُ ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ الْمُؤَلِّفِ . وَإِنَّمَا حَمَلُوهُ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ قَوْلَهُ : ( بِظُلْمٍ ) نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ; لَكِنَّ عُمُومَهَا هُنَا بِحَسَبِ الظَّاهِرِ . قَالَ الْمُحَقِّقُونَ : إِنْ دَخَلَ عَلَى النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ مَا يُؤَكِّدُ الْعُمُومَ وَيُقَوِّيهِ نَحْوَ " مِنْ " فِي قَوْلِهِ : مَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ ، أَفَادَ تَنْصِيصَ الْعُمُومِ ، وَإِلَّا فَالْعُمُومُ مُسْتَفَادٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ كَمَا فَهِمَهُ الصَّحَابَةُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَبَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ ، بَلْ هُوَ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ ، فَالْمُرَادُ بِالظُّلْمِ أَعْلَى أَنْوَاعِهِ وَهُوَ الشِّرْكُ . فَإِنْ قِيلَ : مِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ أَنَّ مَنْ لَبَسَ الْإِيمَانَ بِظُلْمٍ لَا يَكُونَ آمِنًا وَلَا مُهْتَدِيًا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِمْ ، وَالسِّيَاقُ إِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الظُّلْمُ فَهُوَ آمِنٌ وَمُهْتَدٍ ، فَمَا الَّذِي دَلَّ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ عَمَّنْ وُجِدَ مِنْهُ الظُّلْمُ ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْمَفْهُومِ وَهُوَ مَفْهُومُ الصِّفَةِ ، أَوْ مُسْتَفَادٌ مِنَ الِاخْتِصَاصِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَقْدِيمِ " لَهُمْ " عَلَى الْأَمْنِ ، أَيْ : لَهُمُ الْأَمْنُ لَا لِغَيْرِهِمْ ، كَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا تَقْدِيمُ " هُوَ " عَلَى " قَائِلِهَا " يُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ ، أَيْ : هُوَ قَائِلُهَا لَا غَيْرُهُ ، فَإِنْ قِيلَ : لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ أَنَّ غَيْرَ الشِّرْكِ لَا يَكُونُ ظُلْمًا . فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّنْوِينَ فِي قَوْلِهِ لَظُلْمٌ لِلتَّعْظِيمِ ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ اسْتِدْلَالُ الشَّارِعِ بِالْآيَةِ الثَّانِيَةِ ، فَالتَّقْدِيرُ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ عَظِيمٍ أَيْ بِشِرْكٍ ، إِذْ لَا ظُلْمَ أَعْظَمُ مِنْهُ ، وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ صَرِيحًا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ طَرِيقِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَلَفْظُهُ " قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ؟ قَالَ : لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ ، لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ : بِشِرْكٍ . أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ " فَذَكَرَ الْآيَةَ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمَازِرِيُّ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ ، وَنَازَعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَقَالَ : لَيْسَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ تَكْلِيفُ عَمَلٍ ، بَلْ تَكْلِيفُ اعْتِقَادٍ بِتَصْدِيقِ الْخَبَرِ ، وَاعْتِقَادُ التَّصْدِيقِ لَازِمٌ لِأَوَّلِ وُرُودِهِ فَمَا هِيَ الْحَاجَةُ ؟ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : الْمُعْتَقَدَاتُ أَيْضًا تَحْتَاجُ إِلَى الْبَيَانِ ، فَلَمَّا أَجْمَلَ الظُّلْمَ حَتَّى تَنَاوَلَ إِطْلَاقُهُ جَمِيعَ الْمَعَاصِي شَقَّ عَلَيْهِمْ حَتَّى وَرَدَ الْبَيَانُ فَمَا انْتَفَتِ الْحَاجَةُ . وَالْحَقُّ أَنَّ فِي الْقِصَّةِ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ لِأَنَّهُمْ حَيْثُ احْتَاجُوا إِلَيْهِ لَمْ يَتَأَخَّرْ .
قَوْلُهُ : وَلَمْ يَلْبِسُوا أَيْ : لَمْ يَخْلِطُوا ، تَقُولُ : لَبَسْتُ الْأَمْرَ بِالتَّخْفِيفِ ، أَلْبِسُهُ بِالْفَتْحِ فِي الْمَاضِي وَالْكَسْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، أَيْ خَلَطْتُهُ . وَتَقُولُ : لَبِسْتُ الثَّوْبَ أَلْبَسُهُ بِالْكَسْرِ فِي الْمَاضِي وَالْفَتْحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّيْمِيُّ فِي شَرْحِهِ : خَلْطُ الْإِيمَانِ بِالشِّرْكِ لَا يُتَصَوَّرُ فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُمُ الصِّفَتَانِ كُفْرٌ مُتَأَخِّرٌ [1/111] عَنْ إِيمَانٍ مُتَقَدِّمٍ . أَيْ : لَمْ يَرْتَدُّوا . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوا بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، أَيْ : لَمْ يُنَافِقُوا . وَهَذَا أَوْجَهُ ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِبَابِ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِ ، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ تَرْتِيبِهِ . ثُمَّ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ رِوَايَةُ ثَلَاثَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ : وَهُمُ الْأَعْمَشُ ، عَنْ شَيْخِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ ، عَنْ خَالِهِ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ ، وَالثَّلَاثَةُ كُوفِيُّونَ فُقَهَاءُ ، وَعَبْدُ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ . وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ أَحَدُ مَا قِيلَ فِيهِ إِنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ .
وَالْأَعْمَشُ مَوْصُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ وَلَكِنْ فِي رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ الَّتِي تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ عَنْهُ " حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ " وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا إِلَّا فِي هَذَا الطَّرِيقِ . وَفِي الْمَتْنِ مِنَ الْفَوَائِدِ : الْحَمْلُ عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَرِدَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ ، وَأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ ، وَأَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ وَالْمُبَيَّنَ عَنِ الْمُجْمَلِ ، وَأَنَّ اللَّفْظَ يُحْمَلُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ لِمَصْلَحَةِ دَفْعِ التَّعَارُضِ ، وَأَنَّ دَرَجَاتِ الظُّلْمِ تَتَفَاوَتُ كَمَا تَرْجَمَ لَهُ ، وَأَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تُسَمَّى شِرْكًا ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا فَلَهُ الْأَمْنُ وَهُوَ مُهْتَدٍ . فَإِنْ قِيلَ : فَالْعَاصِي قَدْ يُعَذَّبُ فَمَا هُوَ الْأَمْنُ وَالِاهْتِدَاءُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ آمِنٌ مِنَ التَّخْلِيدِ فِي النَّارِ ، مُهْتَدٍ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .