4664 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ : قُلْتُ أَبُوهُ الزُّبَيْرُ وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ . فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ : إِسْنَادُهُ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَنَا ، فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلْ : ابْنُ جُرَيْجٍ .

قَوْلُهُ : ( حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ ) أَيْ بِسَبَبِ الْبَيْعَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ حِينَ مَاتَ مُعَاوِيَةُ امْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَغْرَى يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مُسْلِمَ بْنَ عقبة بِالْمَدِينَةِ فَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ تَوَجَّهَ الْجَيْشُ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ أَمِيرُهُمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ وَقَامَ بِأَمْرِ الْجَيْشِ الشَّامِيِّ أَبَانُ بْنُ نُمَيْرٍ فَحَصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ [8/178] بِمَكَّةَ ، وَرَمَوُا الْكَعْبَةَ بِالْمَنْجَنِيقِ حَتَّى احْتَرَقَتْ . فَفَجَأَهُمُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ ، وَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَبُويِعَ بِالْخِلَافَةِ وَأَطَاعَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، ثُمَّ غَلَبَ مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْأَمِيرُ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ ، وَمَضَى مَرْوَانُ إِلَى مِصْرَ وَغَلَبَ عَلَيْهَا ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ ، وَكَمَّلَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ ، ثُمَّ مَاتَ مَرْوَانُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُهُ مَقَامَهُ ، وَغَلَبَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى الْكُوفَةِ فَفَرَّ مِنْهُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مُقِيمَيْنِ بِمَكَّةَ مُنْذُ قُتِلَ الْحُسَيْنُ ، فَدَعَاهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْبَيْعَةِ لَهُ فَامْتَنَعَا وَقَالَا : لَا نُبَايِعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ ، وَتَبِعَهُمَا جَمَاعَةٌ عَلَى ذَلِكَ ، فَشَدَّدَ عَلَيْهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَصَرَهُمْ ، فَبَلَغَ الْمُخْتَارَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا فَأَخْرَجُوهُمَا وَاسْتَأْذَنُوهُمَا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَامْتَنَعَا ، وَخَرَجَا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامَا بِهَا حَتَّى مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ ، وَرَحْلَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَهُ إِلَى جِهَةِ رَضْوَى جَبَلِ بِيَنْبُعَ فَأَقَامَ هُنَاكَ ، ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ الشَّامِ فَتَوَجَّهَ إِلَى نَحْوِ أَيْلَةَ فَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلَاثٍ أَوْ أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ ، وَذَلِكَ عَقِبَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَقِيلَ عَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِينَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ ، وَزَعَمَتِ الْكَيْسَانِيَّةُ أَنَّهُ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلِكَ الْأَرْضَ ، فِي خُرَافَاتٍ لَهُمْ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا . وَإِنَّمَا لَخَّصْتُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ وَتَارِيخِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ " حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ " ، وَلِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى " فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ : أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ ؟ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : قَالَ النَّاسُ : بَايِعْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَقُلْتُ : وَأَيْنَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَنْهُ " أَيْ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ لِمَا لَهُ مِنَ الْمَنَاقِبِ الْمَذْكُورَةِ ، وَلَكِنِ امْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الْمُبَايَعَةِ لَهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ . وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ سَكَنَا مَكَّةَ ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ الْبَيْعَةَ فَأَبَيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ ، فَضَيَّقَ عَلَيْهِمَا فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا جَيْشٌ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَوَجَدُوهُمَا مَحْصُورَيْنِ ، وَقَدْ أُحْضِرَ الْحَطَبُ فَجُعِلَ عَلَى الْبَابِ يُخَوِّفُهُمَا بِذَلِكَ ، فَأَخْرَجُوهُمَا إِلَى الطَّائِفِ " وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ .
قَوْلُهُ : ( وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ ) أَيْ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، وَقَوْلُهُ " وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ " أَيْ بِنْتُ عَبْدِ المطلب ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ " وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرِيدُ خَدِيجَةَ أَطْلَقَ عَلَيْهَا عَمَّتَهُ تَجَوُّزًا وَإِنَّمَا هـِيَ عَمَّةُ أَبِيهِ لِأَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَيِ ابْنُ أَسَدٍ ، وَالزُّبَيْرُ هُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ ، وَكَذَا تَجَوَّزَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ قَالَ " ابْنُ أَبِي بَكْرٍ : " وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ بِنْتِهِ ، وَحَيْثُ قَالَ " ابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ " وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ ابْنِ أَخِيهَا الْعَوَّامِ .
قَوْلُهُ : ( فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ إِسْنَادَهُ ) بِالنَّصْبِ أَيِ اذْكُرْ إِسْنَادَهُ ، أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ مَا إِسْنَادُهُ . فَقَالَ : ( حَدَّثَنَا فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ صَرَّحَ لَهُ بِالتَّحْدِيثِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً ، وَاحْتَمَلَ عَدَمَ الْوَاسِطَةِ ، وَلِذَلِكَ اسْتَظْهَرَ الْبُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، ثُمَّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَيْخِهِ .