23 - بَاب اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ
5031 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ .


قَوْلُهُ : ( بَابُ اسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ ) أَيْ طَلَبِ ذُكْرِهِ بِضَمِ الذَّالِ ( وَتَعَاهُدِهِ ) أَيْ تَجْدِيدِ الْعَهْدِ بِهِ بِمُلَازَمَةِ تِلَاوَتِهِ .
وَذَكَرَ فِي الْبَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ :
الْأَوَّلُ :
قَوْلُهُ : ( إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ ) أَيْ مَعَ الْقُرْآنِ ، وَالْمُرَادُ بِالصَّاحِبِ الَّذِي أَلِفَهُ ، قَالَ عِيَاضٌ : الْمُؤَالَفَةُ الْمُصَاحَبَةُ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ، وَقَوْلِهِ : أَلِفَهُ أَيْ أَلِفَ تِلَاوَتَهُ ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَأْلَفَهَا نَظَرًا مِنَ الْمُصْحَفِ أَوْ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ ، فَإِنَّ الَّذِي يُدَاوِمُ عَلَى ذَلِكَ يُذَلُّ لَهُ لِسَانُهُ وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ ، فَإِذَا هَجَرَهُ ثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ وَشَقَّتْ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ " إِنَّمَا " يَقْتَضِي الْحَصْرَ عَلَى الرَّاجِحِ ، لَكِنَّهُ حَصْرٌ مَخْصُوصٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحِفْظِ وَالنِّسْيَانِ بِالتِّلَاوَةِ وَالتَّرْكِ .
قَوْلُهُ : ( كَمِثْلِ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ ) أَيْ مَعَ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ . وَالْمُعَقَّلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ أَيِ الْمَشْدُودَةِ بِالْعِقَالِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُشَدُّ فِي رُكْبَةِ الْبَعِيرِ ، شَبَّهَ دَرْسَ الْقُرْآنِ وَاسْتِمْرَارَ تِلَاوَتِهِ بِرَبْطِ الْبَعِيرِ [8/698] الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ الشِّرَادُ ، فَمَا زَالَ التَّعَاهُدُ مَوْجُودًا فَالْحِفْظُ مَوْجُودٌ ، كَمَا أَنَّ الْبَعِيرَ مَا دَامَ مَشْدُودًا بِالْعِقَالِ فَهُوَ مَحْفُوظٌ . وَخَصَّ الْإِبِلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا أَشَدُّ الْحَيَوَانِ الْإِنْسِيِّ نُفُورًا ، وَفِي تَحْصِيلِهَا بَعْدَ اسْتِمْكَانِ نُفُورِهَا صُعُوبَةٌ .
قَوْلُهُ : ( إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا ) أَيِ اسْتَمَرَّ إِمْسَاكُهُ لَهَا ، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ " فَإِنْ عَقَلَهَا حَفِظَهَا " .
قَوْلُهُ : ( وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ ) أَيِ انْفَلَتَتْ . وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ " إِنْ تَعَاهَدَهَا صَاحِبُهَا فَعَقَلَهَا أَمْسَكَهَا ، وَإِنْ أَطْلَقَ عُقُلَهَا ذَهَبَتْ " وَفِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ إِذَا قَامَ صَاحِبُ الْقُرْآنِ فَقَرَأَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ذَكَرَهُ ، وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ نُسِّيهِ .