[1/277] قَالُوا : أَحْكَامٌ قَدْ أُجْمِعَ عَلَيْهَا ، يُبْطِلُهَا الْقُرْآنُ وَيَحْتَجُّ بِهَا الْخَوَارِجُ .
1 - حُكْمٌ فِي الرَّجْمِ ، يَدْفَعُهُ الْكِتَابُ .
قَالُوا : رُوِّيتُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ وَرَجَمَتِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ فِي الْإِمَاءِ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ وَالرَّجْمُ إِتْلَافٌ لِلنَّفْسِ لَا يَتَبَعَّضُ ، فَكَيْفَ يَكُونُ عَلَى الْإِمَاءِ نِصْفُهُ ؟ وَذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الْمُحْصَنَاتِ : ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ ، قَالُوا : وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَنَةَ حَدُّهَا الْجَلْدُ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ : وَنَحْنُ نَقُولُ : إِنَّ الْمُحْصَنَاتِ لَوْ كُنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ ، لَكَانَ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ صَحِيحًا ، وَلَزِمَتْ بِهِ هَذِهِ الْحُجَّةُ ، وَلَيْسَ الْمُحْصَنَاتُ هَاهُنَا إِلَّا الْحَرَائِرُ وَسُمِّينَ مُحْصَنَاتٍ ، وَإِنْ كُنَّ أَبْكَارًا لِأَنَّ الْإِحْصَانَ يَكُونُ لَهُنَّ وَبِهِنَّ ، وَلَا يَكُونُ بِالْإِمَاءِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ مِنَ الْعَذَابِ ، يَعْنِي الْأَبْكَارَ .
وَقَدْ تُسَمِّي الْعَرَبُ الْبَقَرَةَ : الْمُثِيرَةَ ، وَهِيَ لَمْ تُثِرْ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا ؛ [1/278] لِأَنَّ إِثَارَةَ الْأَرْضِ تَكُونُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْأَنْعَامِ .
وَتُسَمِّي الْإِبِلَ فِي مَرَاعِيهَا هَدْيًا ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إِلَى الْكَعْبَةِ يَكُونُ مِنْهَا ، فَتُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ وَإِنْ لَمْ تُهْدَ .
وَمِمَّا يَشْهَدُ هَذَا التَّأْوِيلَ الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ فِي الْمُحْصَنَاتِ وَأَنَّهُنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْحَرَائِرُ الْأَبْكَارُ ، قَوْلُهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ هَاهُنَا الْحَرَائِرُ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُنَّ ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ ؛ لِأَنَّ ذَوَاتَ الْأَزْوَاجِ لَا يُنْكَحْنَ .