حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّوَّافُ ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ ، نا عَوْفُ بْنُ أَبِي جَمِيلَةَ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ ، عَنْ أَبِي كِنَانَةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ [4/412] قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ

( نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمْرَانَ ) : بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ ) : بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ [4/412] ( إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ ) : أَيْ تَبْجِيلِهِ وَتَعْظِيمِهِ ( إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ) : أَيْ تَعْظِيمَ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ فِي الْإِسْلَامِ بِتَوْقِيرِهِ فِي الْمَجَالِسِ وَالرِّفْقِ بِهِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، كُلُّ هَذَا مِنْ كَمَالِ تَعْظِيمِ اللَّهِ لِحُرْمَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ ( وَحَامِلِ الْقُرْآنِ ) أَيْ وَإِكْرَامَ حَافِظِهِ وَسَمَّاهُ حَامِلًا لَهُ لِمَا تحْمِلُ لِمَشَاقَّ كَثِيرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الْأَحْمَالِ الثَّقِيلَةِ قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ .
وَقَالَ الْقَارِيُّ : أَيْ وَإِكْرَامَ قَارِئِهِ وَحَافِظِهِ وَمُفَسِّرِهِ ( غَيْرِ الْغَالِي ) بِالْجَرِّ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ .
وَالْغُلُوُّ التَّشْدِيدُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ، يَعْنِي غَيْرَ الْمُتَجَاوِزِ الْحَدَّ فِي الْعَمَلِ بِهِ وَتَتَبُّعِ مَا خَفِيَ مِنْهُ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ مِنْ مَعَانِيهِ وَفِي حُدُودِ قِرَاءَتِهِ وَمَخَارِجِ حُرُوفِهِ قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ ( وَالْجَافِي عَنْهُ ) أَيْ وَغَيْرِ الْمُتَبَاعِدِ عَنْهُ الْمُعْرِضِ عَنْ تِلَاوَتِهِ وَإِحْكَامِ قِرَاءَتِهِ وَإِتْقَانِ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ .
وَقِيلَ الْغُلُوُّ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّجْوِيدِ أَوِ الْإِسْرَاعُ فِي الْقِرَاءَةِ بِحَيْثُ يَمْنَعُهُ عَنْ تَدَبُّرِ الْمَعْنَى .
وَالْجَفَاءُ أَنْ يَتْرُكَهُ بَعْدَ مَا عَلِمَهُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ عُدَّ مِنَ الْكَبَائِرِ ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ : وَمِنْهُ الْحَدِيثُ : " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ " أَيْ تَعَاهَدُوهُ وَلَا تَبْعُدُوا عَنْ تِلَاوَتِهِ بِأَنْ تَتْرُكُوا قِرَاءَتَهُ وَتَشْتَغِلُوا بِتَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ ، وَإذَا قِيلَ اشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعَمَلِ وَاشْتَغِلْ بِالْعَمَلِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعِلْمِ ، وَحَاصِلُهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مَذْمُومٌ ، وَالْمَحْمُودُ هُوَ الْوَسَطُ الْعَدْلُ الْمُطَابِقُ لِحَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ، كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ ( وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ ) : بِضَمِّ الْمِيمِ أَيِ الْعَادِلِ .
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : أَبُو كِنَانَةَ هَذَا هُوَ الْقُرَشِيُّ ذَكَرَ غَيْرَ وَاحِدٍ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي مُوسَى .