6193 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ : جَلَسْتُ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : اسْمِي حَزْنٌ . قَالَ : بَلْ أَنْتَ سَهْلٌ . قَالَ : مَا أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي . قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ : فَمَا زَالَتْ فِينَا الْحُزُونَةُ بَعْدُ .

الحديث الثالث :
قَوْلُهُ : ( هِشَامٌ ) هُوَ ابْنُ يُوسُفَ ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ ؛ أَيِ ابْنُ عُثْمَانَ الْحَجَبِيُّ .
قَوْلُهُ : ( فَحَدَّثَنِي أَنَّ جَدَّهُ حَزْنًا ) هَكَذَا أَرْسَلَ سَعِيدٌ الْحَدِيثَ لَمَّا حَدَّثَ بِهِ عَبْدَ الْحَمِيدِ ، وَلِمَا حَدَّثَ بِهِ الزُّهْرِيَّ [10/593] وَصَلَهُ عَنْ أَبِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ ، وَهَذَا عَلَى قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُرْسَلَ إِذَا جَاءَ مَوْصُولًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ تَبَيَّنَ صِحَّةُ مَخْرَجِ الْمُرْسَلِ ، وَقَاعِدَةُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْوَصْلِ وَالْإِرْسَالِ لَا يَقْدَحُ الْمُرْسَلُ فِي الْمَوْصُولِ إِذَا كَانَ الْوَاصِلُ أَحْفَظَ مِنَ الْمُرْسِلِ كَالَّذِي هُنَا ، فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ أَحْفَظُ مِنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، قَالَ الطَّبَرِيُّ : لَا تَنْبَغِي التَّسْمِيَةُ بِاسْمٍ قَبِيحِ الْمَعْنَى ، وَلَا بِاسْمٍ يَقْتَضِي التَّزْكِيَةَ لَهُ ، وَلَا بِاسْمٍ مَعْنَاهُ السَّبُّ . قُلْتُ : الثَّالِثُ أَخَصُّ مِنَ الْأَوَّلِ ، قَالَ : وَلَوْ كَانَتِ الْأَسْمَاءُ إِنَّمَا هِيَ أَعْلَامٌ لِلْأَشْخَاصِ لَا يُقْصَدُ بِهَا حَقِيقَةُ الصِّفَةِ ، لَكِنْ وَجْهُ الْكَرَاهَةِ أَنْ يَسْمَعَ سَامِعٌ بِالِاسْمِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُسَمَّى ، فَلِذَلِكَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَوِّلُ الِاسْمَ إِلَى مَا إِذَا دُعِيَ بِهِ صَاحِبُهُ كَانَ صِدْقًا ، قَالَ : وَقَدْ غَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةَ أَسْمَاءٍ ، وَلَيْسَ مَا غَيَّرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَنْعِ مِنَ التَّسَمِّي بِهَا بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ ، قَالَ : وَمِنْ ثَمَّ أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُسَمَّى الرَّجُلُ الْقَبِيحُ بِحَسَنٍ وَالْفَاسِدُ بِصَالِحٍ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُلْزِمْ حَزْنًا لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ تَحْوِيلِ اسْمِهِ إِلَى سَهْلٍ بِذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَازِمًا لَمَا أَقَرَّهُ عَلَى قَوْلِهِ : " لَا أُغَيِّرُ اسْمًا سَمَّانِيهِ أَبِي " ، انْتَهَى مُلَخَّصًا . وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِتَحْسِينِ الْأَسْمَاءِ ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ : إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، إِلَّا أَنَّ فِي سَنَدِهِ انْقِطَاعًا بَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا رَاوِيهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ [ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ] فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَقَدْ غَيَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَاصَ ، وَعَتَلَةَ - بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا لَامٌ - وَشَيْطَانٌ ، وَغُرَابٌ ، وَحُبَابٌ - بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ - وَشِهَابٌ ، وَحَرْبٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ . قُلْتُ : وَالْعَاصِي الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ مُطِيعُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْعَدَوِيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ ، وَوَقَعَ مِثْلُهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ ، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ ، وَالْأَخْبَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ ، وَعَتَلَةُ هُوَ عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ ، وَشَيْطَانٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ ، وَغُرَابٌ هُوَ مُسْلِمٌ أَبُو رَايِطَةَ ، وَحُبَابٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، وَشِهَابٌ هُوَ هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيِّ ، وَحَرْبٌ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ سَمَّاهُ عَلِيٌّ أَوَّلًا حَرْبًا ، وَأَسَانِيدُهَا مُبَيَّنَةٌ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ .