حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، نا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، أَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنْ ابْنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ

( عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ) نِسْبَةً إِلَى حَضْرَمَوْتَ .
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ : الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ وَاسْمُ الْحَضْرَمِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّادٍ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّهُ مِنْ حَضْرَمَوْتَ . انْتَهَى . ( أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَدَأَ بِاسْمِهِ ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : فِيهِمَا مَجْهُولٌ ، قَالَ بَعْضُهُمْ : يَبْدَأُ الْكِتَابَ بِنَفْسِهِ فَيَقُولُ : مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ ، وَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ حُجَّةً لِذَلِكَ ، وَقَدْ كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ .
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ : كَانَ النَّاسُ يَكْتُبُونَ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَمَّا بَعْدُ
وَقَالَ غَيْرُهُ : إِذَا بَدَأَ الْكَاتِبُ بِاسْمِ الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ فَقَدْ كَرِهَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ ، وَقِيلَ : أَمَّا الْأَبُ فَيُقَدَّمُ فَلَا يَبْدَأُ وَلَدُهُ بِاسْمِهِ عَلَى وَالِدِهِ وَالْكَبِيرُ السِّنِّ كَذَلِكَ يُوَقَّرُ بِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ .
قُلْتُ : : وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى أَحَدٍ فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ .
قَالَ الْمَنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ : فِيهِ مَجْهُولٌ وَضَعِيفٌ ، انْتَهَى
وَفِي الْمِرْقَاةِ : إِسْنَادُهُ حَسَنٌ انْتَهَى
قَالَ الْمَنَاوِيُّ : أَيْ إِذَا كَتَبَ أَحَدُكُمْ إِلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ كِتَابًا فَلْيَبْدَأْ فِيهِ بِذِكْرِ نَفْسِهِ مُقَدَّمًا عَلَى اسْمِ الْمَكْتُوبِ لَهُ نَحْوَ مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ وَإِنْ كَانَ مَهِينًا مُحْتَقَرًا ، وَالْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ فَخْمًا كَبِيرًا ، فَلَا يَجْرِي عَلَى سُنَنِ الْعَجَمِ حَيْثُ يَبْدَءُونَ بِأَسْمَاءِ أَكَابِرِهِمْ فِي الْمَكَاتِيبِ وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْأَدَبِ وَإِنَّمَا الْأَدَبُ مَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ .
نَعَمْ إِنْ خَافَ وُقُوعَ مَحْذُورٍ بِمُحْتَرَمٍ إِنْ بَدَأَ بِنَفْسِهِ بَدَأَ بِالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَتْ لِابْنِ عُمَرَ حَاجَةً إِلَى مُعَاوِيَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلَيْهِ فَقَالُوا : : ابْدَأْ بِهِ ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى كَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِلَى مُعَاوِيَةَ ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُبَايِعُهُ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ سَلَامٌ عَلَيْكَ فَذَكَرَهُ انْتَهَى .
وَفِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ كُبَرَاءِ آلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ هَذِهِ الرِّسَالَةُ لِعَبْدِ اللَّهِ مُعَاوِيَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ .
وَفِي فَتْحِ الْبَارِي وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ : قَرَأْتُ كِتَابًا مِنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - ، وَعَنْ نَافِعٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْمُرُ غِلْمَانَهُ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَبْدَءُوا بِأَنْفُسِهِمْ .
وَعَنْ نَافِعٍ : كَانَ عُمَّالُ عُمَرَ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ بَدَءُوا بِأَنْفُسِهِمْ .
قَالَ الْمُهَلَّبُ : السُّنَّةُ أَنْ يَبْدَأَ الْكَاتِبُ بِنَفْسِهِ ، وَعَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا بَدَأَ بِاسْمِ الرَّجُلِ قَبْلَهُ إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْهُ فَقَالَ : لَا بَأْسَ بِهِ انْتَهَى ، وَفِي الْمِرْقَاةِ : وَكَانَ الْعَلَاءُ إِذَا كَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِنَفْسِهِ اقْتِدَاءً بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ [4/499] كِتَابَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاذٍ يُعَزِّيهِ فِي ابْنٍ لَهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ الْحَدِيثَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ .
وَهَذَا الصَّنِيعُ الْعَظِيمُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الْمُظْهِرُ : كَانَ يَكْتُبُ هَكَذَا مِنِ الْعَلَاءِ الْحَضْرَمِيِّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَكَذَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكْتُبُوا مِنْ لِسَانِهِ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُلُوكِ انْتَهَى .