باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه

أي هذا باب في بيان من أعاد كلامه في أمور الدين ثلاث مرات لأجل أن يفهم عنه ، وفي بعض النسخ ليفهم بكسر الهاء بدون لفظة عنه أي ليفهم غيره ، قال الخطابي : إعادة الكلام ثلاثا إما لأن من الحاضرين من يقصر فهمه عن وعيه فيكرره ليفهم ، وإما أن يكون القول فيه بعض الإشكال فيتظاهر بالبيان ، وقال أبو الزناد : أو أراد الإبلاغ في التعليم والزجر في الموعظة .
وجه المناسبة بين البابين من حيث إن المذكور في الباب الأول يرجع إلى شأن السائل المتعلم ، وهذا الباب أيضا في شأن المتعلم ؛ لأن إعادة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات إنما كانت لأجل المتعلمين والسائلين ليفهموا كلامه حق الفهم ولا يفوت عنهم شيء من كلامه الكريم .
فقال : ألا وقول الزور ، فما زال يكررها

هذه قطعة من حديث ذكرها على سبيل التعليق ، وذكره في كتاب الشهادات موصولا بتمامه وهو أنه صلى الله عليه وسلم قال " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين ، وجلس وكان متكئا فقال : ألا وقول الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " قوله " ألا " مخفف حرف التنبيه ذكر ليدل على تحقيق ما بعده وتأكيده ، قوله " وقول الزور " في الحديث مرفوع عطفا على قوله " الإشراك بالله " فهاهنا أيضا مرفوع لأنه حكاية عنه والزور بضم الزاي الكذب والميل عن الحق والمراد منه الشهادة ؛ فلذلك أنث الضمير في قوله يكررها ، وأنثه باعتبار الجملة أو باعتبار الثلاثة ، ومعنى قوله " فما زال يكررها " أي ما دام في مجلسه لا مدة عمره .