50 - حدثنا مكي بن إبراهيم ، قال : حدثنا يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار .

هذا هو الحديث الرابع مما فيه المطابقة للترجمة .
بيان رجاله وهم ثلاثة :
الأول : المكي بن إبراهيم البلخي ، وقد تقدم .
الثاني : يزيد بن أبي عبيد أبو خالد الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع ، توفي سنة ست أو سبع وأربعين ومائة ، روى له الجماعة .
الثالث : سلمة بفتح السين واللام ابن الأكوع ، واسم الأكوع سنان بن عبد الله الأسلمي المديني يكنى سلمة بأبي مسلم ، وقيل : بأبي إياس ، وقيل : بأبي عامر ، وقيل : هو عمرو بن الأكوع ، شهد بيعة الرضوان وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ثلاث مرات في أول الناس وأوسطهم وآخرهم ، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة وسبعون حديثا ، اتفقا منها على ستة عشر وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بتسعة ، توفي بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة ، روى له الجماعة وكان شجاعا راميا محسنا يسبق الخيل فاضلا خيرا ، ويقال : إنه كلمه الذئب ، قال سلمة : رأيت الذئب قد أخذ ظبيا فطلبته حتى نزعته منه ، فقال : ويحك مالي ولك ؟ عمدت إلى رزق رزقنيه الله تعالى ليس من مالك تنزعه مني ! قال : قلت : أيا عباد الله ، إن هذا لعجب ذئب يتكلم ! فقال الذئب : أعجب منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان ، قال : فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فأسلمت .
بيان لطائف إسناده :
ومنها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أنه من ثلاثيات البخاري ، وهو أول ثلاثي وقع في البخاري وليس فيه أعلى من الثلاثيات ويبلغ جميعها أكثر من عشرين حديثا ، وبه فضل البخاري على غيره . ومنها أن فيه المكي بن إبراهيم ، وهو من كبار شيوخ البخاري سمع من سبعة عشر نفرا من التابعين منهم يزيد بن أبي عبيد المذكور .
بيان الإعراب والمعنى
قوله " يقول " جملة وقعت حالا ، قوله " من يقل علي " كلمة من موصولة تتضمن معنى الشرط ، وأصل يقل يقول حذفت الواو للجزم لأجل الشرط ، وجواب الشرط هو قوله " فلتيبوأ " ؛ فلذلك دخلته الفاء ، قوله " ما لم أقل " كلمة ما موصولة و" أقل " جملة صلتها والعائد محذوف تقديره ما لم أقله ، فإن قلت : أهذا مختص بالقول أم يتناول نسبة فعل إليه لم يفعله ؟ قلت : اللفظ خاص بالقول لكن لا شك أن الفعل في معناه لاشتراكهما في علة الامتناع ، وهو الجسارة على الشريعة ومشرعها صلى الله عليه وسلم ، وقد احتج بظاهر هذا الحديث الذي منع من رواية الحديث بالمعنى ، وأجيب من جهة المجوزين بأن المراد النهي عن الإتيان بلفظ يوجب تغيير الحكم على أن الإتيان باللفظ أولى بلا شك .