[2/730] 109 - باب
المرأة تطرح عن المصلي شيئا من الأذى
520 - حدثنا أحمد بن إسحاق : ثنا عبيد الله بن موسى : ثنا إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة ، وجمع قريش في مجالسهم ، إذ قال قائل منهم : ألا تنظرون إلى هذا المرائي ، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان ، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به ، ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه ؟ فانبعث أشقاهم ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه ، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ، فضحكوا حتى مال بعضهم على بعض من الضحك ، فانطلق منطلق إلى فاطمة - وهي جويرية - فأقبلت تسعى ، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا حتى ألقته عنه ، وأقبلت عليهم تسبهم ، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال : " اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش " ، ثم سمى : " اللهم عليك بعمرو بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمارة بن الوليد " .
قال عبد الله : فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ، ثم سحبوا إلى القليب : قليب بدر .
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأتبع أصحاب القليب لعنة "


قد سبق هذا الحديث بتمامه في أواخر " الوضوء " في " باب : إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة لم تفسد عليه صلاته " .
[2/731] وخرجه هناك من طريق شعبة ويوسف بن أبي إسحاق ، عن أبي إسحاق ، ببعض زيادة في متنه ونقص ، وفيه : " وعد السابع فلم نحفظه " .
وفي هذه الرواية : أن السابع عمارة بن الوليد .
والمعروف في السير : أن عمارة بن الوليد مات في جزيرة في أرض الحبشة في يد ابن عمه عبد الله بن أبي ربيعة ، وكان النجاشي قد أمر به فنفخ في إحليله سحر ، فذهب مع الوحش ، ولم يقدر عليه حتى أمسكه عبد الله بن أبي ربيعة ، فجعل يقول : أرسلني ، فلم يرسله فمات في يده .
وفي هذه الرواية - مع الرواية التي خرجها في الطهارة - : ذكر عقبة بن أبي معيط ، وقد روي أن عقبة أسر يوم بدر ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قتله صبرا بين يديه ، وصلبه بالصفراء في مرجعهم إلى المدينة .
وخرجه - أيضا - في " مبعث النبي صلى الله عليه وسلم " ، من طريق شعبة ، عن أبي إسحاق - مختصرا ، وفي سياقه : أن عقبة بن أبي معيط هو الذي جاء بسلى الجزور ، وفيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اللهم عليك الملأ من قريش : أبا جهل بن هشام ، وعقبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف " - أو " أبي بن خلف " ، شعبة الشاك - فرأيتهم قتلوا يوم بدر ، فألقوا في بئر ، غير أمية - أو أبي - تقطعت أوصاله ، فلم يلق في البئر .
وذكر أبي بن خلف وهم - أيضا - ؛ فإن أبي بن خلف إنما قتل يوم أحد ، ومات بعد الوقعة ، كما روى ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، قال : أسر أبي بن خلف يوم بدر ، فلما افتدي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : [2/732] إن عندي فرسا أعلفها كل يوم فرقا من ذرة ، لعلي أقتلك عليها ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بل أنا أقتلك عليها ، إن شاء الله " . فلما كان يوم أحد أقبل أبي بن خلف تركض فرسه تلك ، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استأخروا ، استأخروا " ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحربة في يده ، فرمى بها أبي بن خلف ، فكسرت ضلعا من أضلاعه ، فرجع إلى أصحابه ثقيلا ، فاحتملوه حتى ولوا به ، وطفقوا يقولون له : لا بأس ، فقال أبي : ألم يقل لي : " بل أنا أقتلك ، إن شاء الله " ، فانطلق به أصحابه ، فمات ببعض الطريق ، فدفنوه .
قال سعيد بن المسيب : وفيه أنزل الله : وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى .
وفي هذا الحديث : أنواع من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ، وإجابة دعوته ، وتعجيل عقوبة من أذاه ، وأن العقوبة من جنس الذنب ، بأن هؤلاء تواطئوا على وضع فرث الجزور على ظهره صلى الله عليه وسلم في السجود ، فما مضى إلا يسير حتى قتلوا وسحبوا إلى القليب في يوم شديد الحر ، وخرج فرث كل منهم وحشوته من بطنه ، وكان ذلك جزاء وفاقا .
والمقصود من تخريج هذا الحديث في هذا الباب : أن المصلي يجوز أن تدنو منه المرأة في صلاته ، وتزيل عنه الأذى ، ولا يقدح ذلك في صلاته .
والظاهر : أن فاطمة عليها السلام إنما جاءت من ورائه ، فطرحت عنه ما [2/733] طرحوا عليه ، وكانت إذ ذاك جويرية صغيرة ، كما صرح به في الحديث .
وقد سبق الكلام على حكم النجاسة إذا أصابت المصلي في صلاته ، ثم أزيلت عنه في " الطهارة " ، وعلى حكم تكرار الدعاء ثلاثا في " كتاب العلم " .
والله سبحانه وتعالى أعلم .