[3/412] ( غَرِيبُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ ) النَّبَوِيِّ ، وَهُوَ خِلَافُ الْغَرِيبِ الْمَاضِي قَرِيبًا ، فَذَاكَ يَرْجِعُ إِلَى الِانْفِرَادِ مِنْ جِهَةِ الرِّوَايَةِ ، وَأَمَّا هُنَا فَهُوَ مَا يَخْفَى مَعْنَاهُ مِنَ الْمُتُونِ لِقِلَّةِ اسْتِعْمَالِهِ وَدَوَرَانِهِ ، بِحَيْثُ يَبْعُدُ فَهْمُهُ وَلَا يَظْهَرُ إِلَّا بِالتَّنْقِيرِ عَنْهُ مِنْ كُتُبِ اللُّغَةِ .
وَهُوَ مِنْ مَهَمَّاتِ الْفَنِّ لِتَوَقُّفِ التَّلَفُّظِ بِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ فَضْلًا عَنْ فَهْمِهَا عَلَيْهِ . وَتَتَأَكَّدُ الْعِنَايَةُ بِهِ لِمَنْ يَرْوِي بِالْمَعْنَى .
وَالْقَصْدُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَيَانُ التَّصَانِيفِ فِيهِ
.
وَلَوْ أُضِيفَ لِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْوَاعِ ، بَلْ كَمَا فَعَلَ الْبَرْشَنْسِيُّ فِي أَلْفِيَّتِهِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ فِي هَذَا نَفْسِهِ ؛ حَيْثُ ذَكَرَ جَانِبًا مِنْهُ . بَلْ وَابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي هِدَايَتِهِ الَّتِي شَرَحْتُهَا ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ كَالْأَسْمَاءِ ، مِنْهُ مَا هُوَ فَرْدٌ كَالْجَعْظَرِيِّ : الْفَظُّ الْغَلِيظُ .
وَمِنْهُ مَا هُوَ كَالْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، كَأَنْ تَأْتِيَ كَلِمَةٌ لِمَعْنًى وَمصَحِّفَهَا لِمَعْنًى آخَرَ ، فَيَأْتَلِفَا فِي الْخَطِّ وَيَخْتَلِفَا فِي النُّطْقِ ؛ كَقَدَحِ الرَّاكِبِ بِفَتْحَتَيْنِ : الْآنِيَةُ الْمَعْرُوفَةُ مَعَ تَسْوِيَةِ الصَّفِّ ، كَالْقِدْحِ بِالْكَسْرِ ثُمَّ سُكُونٍ : السَّهْمُ .
[3/413] وَكَالْمَنْصَفِ ، فَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ : الْمَوْضِعُ الْوَسَطُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ، وَبِكَسْرِهَا : الْخَادِمُ .
وَكَحَذَفٍ بِتَحْرِيكِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي قَوْلِهِ : كَبَنَاتِ حَذَفٍ ، وَهِيَ الْغَنَمُ الصِّغَارُ الْحِجَازِيَّةُ ، وَبِإِسْكَانِهَا فِي قَوْلِهِ : ( حَذْفُ السَّلَامِ سُنَّةٌ ) ، وَهُوَ تَخْفِيفُهُ وَعَدَمُ إِطَالَتِهِ .
وَكَالشَّعَفَةِ وَهِيَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ : ( وَرَجُلٌ فِي شَعَفَةٍ مِنَ الشِّعَافِ ) ، يُرِيدُ بِهِ رَأْسَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ ، مَعَ السَّعْفَةِ وَهِيَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ فِي قَوْلِهِ : ( إِنَّهُ رَأَى جَارِيَةً بِهَا سَعْفَةٌ ) ؛ أَيْ : قُرُوحٌ تَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ . وَالسَّعَفَةُ مِثْلُهُ ، لَكِنْ بِتَحْرِيكِ الْعَيْنِ : أَغْصَانُ النَّخِيلِ .
وَمِنْهُ مَا هُوَ كَالْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ ، بِأَنْ تَأْتِيَ كَلِمَةٌ فِي مَوْضِعَيْنِ لِمَعْنَيَيْنِ ، كَالطَّبَقِ فهو فِي قَوْلِهِ : ( فَجَاءَ طَبَقٌ مِنْ جَرَادٍ ) : الْقَطِيعُ ، وَفِي قَوْلِهِ : ( بَدَا طَبَقُ : الْقَرْنِ ) .
[3/414] وَمِنْهُ مَا فِيهِ الْإِعْجَامُ وَالْإِهْمَالُ ؛ كَالتَّشْمِيتِ ، وَ : ( مَصْمِصُوا مِنَ اللَّبَنِ ) - لَكَانَ أَفْيَدَ .
وَنَحْوُهُ تَقْدِيمُ بَعْضِ حُرُوفِ الْكَلِمَةِ وَتَأْخِيرُهَا ؛ كَالطَّبِيخِ في الْبِطِّيخِ ، وَجَذَبَ فِي جَبَذَ ، وَأَنْعَمَ فِي أَمْعَنَ .
وَمِمَّا رَأَيْتُهُ مُفَرَّقًا وَهُوَ نَافِعٌ مَعَ مُشَاحَحَةٍ فِي بَعْضِهِ : لَا تُحَرِّكُ الْإِبْطَ فَيَفُوحَ ، وَلَا تَفْتَحِ الْجِرَابَ ، وَلَا تَكْسِرِ الْقَصْعَةَ ، وَلَا تَمُدَّ الْقَفَا ، وَإِذَا دَخَلْتَ كُداء فَافْتَحْ ، وَإِذَا خَرَجْتَ فَضُمَّ ، وَالْجَنَازَةُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ ، فَالْأَعْلَى لِلْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لِلْأَسْفَلِ . وَمَلِكٌ بِكَسْرِ اللَّامِ فِي الْأَرْضِ ، وَبِفَتْحِهَا فِي السَّمَاءِ .